بالتيمّم ، وهذا ما لا يمكن إلفات نظر الجاهل إليه.
هذا مضافاً إلى أن ظاهر الحديث نفي الحكم الذي يساوق بحسب النتيجة ارتفاع الضرر عن المكلف خارجاً ، فيكون تسهيلاً عليه ومنّة. وهذا ما لا يمكن تحققه بالنسبة إلى الجاهل أيضاً ، وإن كان النفي بلسان نسخ أصل وجوب الوضوء على المكلف سواء كان معه ضرر أم لا ، فهذا وإن كان معقولاً في نفسه ، إلّا أن إيصال هذا النسخ إليه غير ممكن ، لأن هذا المكلف كغيره من
المكلّفين لا يحتمل أن وجوب الوضوء منسوخ في الشريعة ، بل هو ثابت بالضرورة لغير المتضرّر ، والمفروض أنه لا يعتقد ضررية الوضوء بالنسبة إليه ، فلا يرى نفسه مصداقاً للحكم المنسوخ.
وعليه فلعل الأصحاب الذين أفتوا بصحة الوضوء ، وإن كان مستندهم «لا ضرر» إلّا أنهم بارتكازهم العرفي فهموا هذه النكتة ، فلم يستفيدوا إطلاق النفي لحال الجهل بالضرر.
النكتة الثالثة : التي أبرزها المحقّق العراقي ، هي عكس النكتة الثانية ، حيث كان المكلف هناك يعلم بالوجوب ويجهل الضرر ، هنا يعلم بالضرر ، لكن لا يعلم بوجوب الوضوء عليه لدخول الوقت مثلاً :
أفتى الفقهاء في المقام بأن الوضوء غير صحيح ، من هنا لا بد أن نلاحظ هل هذه الفتوى تنسجم مع مسلك «لا ضرر» أو مع مسلك اجتماع الأمر والنهي؟ لأنه بناءً على أن المستند هو الأول يلزم أن يقال : إن «لا ضرر» إنما تنفي الحكم الذي يؤدي إلى الضرر ، وفي المقام حيث إنّ وجوب الوضوء مجهول وغير واصل إلى المكلّف ، فهو مؤمَّن عنه بالأصول المؤمنة ، ومن ثم لا يكون مثل هذا الوجوب مؤدّياً إلى الضرر ، فلا يكون مشمولاً للقاعدة. وعليه