القاعدة.
والفرق بين النكتة التي أبرزت هنا وما ذكر في التقريب السابق ، أنه هناك كان الإقدام على المعاملة الغبنية مع العلم بها ، يستلزم نفي الضرر أصلاً ؛ لأن الضرر كان ينشأ من فوات الشرط لا من ناحية النقص المالي. أما هنا فليس المدّعى أن الضرر غير موجود ، بل الضرر الذي هو النقص المالي متحقق على كل حال. فموضوع القاعدة ثابت ، ولكنه لا ينطبق الحكم ، لأنه يشترط فيه أن لا يكون المشتري مثلاً قد أقدم على الضرر ، والمفروض مع العلم أنه أقدم على فرد من أفراد الضرر من خلال إيقاع هذه المعاملة. وبتعبير آخر : إن الضرر المنفي هناك من السالبة بانتفاء الموضوع ، وهنا من السالبة بانتفاء المحمول.
إلّا أن هذه النكتة لا تجري في المورد الثاني ، وهي الجنابة التي أقدم عليها المكلّف عالماً عامداً ؛ لأنه دوري.
بيانه : أن صدق الإقدام على الضرر فرع أن يكون هذا النحو من الجنابة ممّا يستتبع وجوب الغسل ، وإلّا لو فرض أنها لا تستتبع ذلك ، فلا يكون الإقدام عليها ضرريّاً ، وترتّب وجوب الغسل فرع أن تكون الجنابة ممّا أقدم عليها المكلّف عامداً ، وإلّا لو لم يكن كذلك لشملته القاعدة ، لأن المفروض أنه حكم ضرري.
والحاصل أن صدق الإقدام متوقف على كون حكم هذه الجنابة وجوب الغسل وعدم جريان «لا ضرر» الموقوف على صدق الإقدام ، فأصبح صدق الإقدام دوريا. فإذا استحال صدق الإقدام فلا مانع من شمول القاعدة ، إذ لا يتصوّر مانع عن ذلك إلّا دعوى صدق الإقدام. والمفروض أن صدقه ممتنع