الأوّل والثاني ، لأن الدراسات الكلامية كانت منتشرة وذات نفوذ كبير على الذهنية العامة لعلماء المسلمين ، حين بدأ علم الأصول يشق طريقه إلى الظهور فكان من الطبيعي أن يعتمد عليه ويستلهم منه» (١).
ويمكن ذكر أمثلة لهذا الاستلهام والتي كان لها دور كبير ومؤثر في تحقيق المسائل الأصولية المختلفة ، منها :
قاعدة الحسن والقبح العقليين.
قاعدة أن الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية.
قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وهكذا غيرها من القواعد الكلامية التي استفيد منها في تنقيح وتحقيق البحوث الأصولية.
ولا بأس بالإشارة إلى بعض تلك القواعد التي كانت لها آثار واسعة وعميقة على الفكر الأصولي مثل : قاعدة قبح العقاب بلا بيان
فإن «المعروف بين محقّقي العصر الثالث عدم الخلاف في حكم العقل بالبراءة ، وجريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وذلك أنهم يدّعون البداهة في حكم العقل بقبح العقاب من المولى للعبد على تكليف غير مبيّن. وهذه القاعدة التي فُرضت أصلاً موضوعياً مع قاعدة أخرى تضايفها وهي" حسن العقاب مع البيان" هما الركنان الأساسيان اللذان قام عليهما الفكر الأصولي الحديث ، الذي وضع أسسه الوحيد البهبهاني في مباحث الأدلّة العقلية ، وهي القطع والظنّ والشك. فإنّهم بعد أن فرضوا أنّ العقل يحكم بقبح العقاب من قبل المولى بلا
__________________
(١) المعالم الجديدة ، مصدر سابق ، ص ٩٢.