مصداقاً للتصرّف في المال ليكون مشمولاً للقاعدة ، وعليه فلا مجال لإيقاع التعارض بين السلطنتين.
وكيفما كان فالقاعدة لا إطلاق لها في نفسها ، ومن ثم لا بد من الرجوع إلى الأصول العملية المرخّصة كأصالة البراءة لإثبات الجواز التكليفي ، بعد عدم شمول القاعدة للمقام.
لكن الصحيح أن النوبة لا تصل إلى الأصول المرخّصة ، بل لا بد من الوقوف على مستند قاعدة السلطنة وهي السيرة العقلائية الممضاة شرعاً لمعرفة هل تشمل مثل هذه التصرفات المؤدية للإضرار بالغير أم لا؟
ولا يبعد التفصيل عند العقلاء بين ما إذا كان المالك يتضرّر من ترك التصرّف في ماله تضرّراً معتدّاً به ، وما إذا لم يتضرّر بذلك. فإن كان الثاني فلا يجوز له التصرّف ؛ لأن الارتكاز العقلائي يقتضي ضيق دائرة سلطنة المالك وعدم شمولها لتلك الحصة التي لا يتضرّر المالك بتركها ، لكن يتضرّر الغير بفعلها تضرّراً عقلائياً لا يتسامح في مثله عادة.
أما الأوّل فالأصل في ذلك دخولها تحت دائرة السلطنة ، كما لو فرض أنه لو لم يحفر البالوعة لانهدم بيته ، فله هذه السلطنة على التصرّف. نعم إذا كان ضرر المالك من عدم التصرّف مندكاً عرفاً في مقابل ضرر الجار ، من قبيل ما تقدّم في الأرض المستأجرة للزراعة لو أرادها صاحبها بعد انقضاء مدّة الإجارة. ولو شك في الوصول إلى تلك المرتبة من الاندكاك وعدمه ، فالأصل هو البراءة وجواز التصرّف ، ما لم يقطع بوصوله إلى تلك المرتبة. ولعل هذا هو المطابق لفتوى الفقهاء أيضاً. والمظنون أن الفقهاء (قدست أسرارهم) تأثّروا بارتكازاتهم العرفية أكثر ممّا تأثروا بالصناعة الاستدلالية.