جريانها خلاف الإرفاق بالنسبة إلى من يقع عليه الضرر وبين غيره ، فالأوّل مانع من الجريان دون الثاني.
الوجه الثاني : دعوى المعارضة بين الضررين بتقريب : أن نفي جواز حفر البالوعة وتحريمه على المالك ضرري عليه ، لا أنه مجرد خلاف الامتنان. وضرريته إمّا بدعوى أن نفس حرمانه ومنعه من التصرّف في داره ضرر عليه ، وإما بفرض مئونة زائدة وهي أنه لو لم يحفر البالوعة لتجمّع الماء في بيته وصار سبباً للضرر. هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن جواز الحفر يستلزم الإضرار بالجار كما هو المفروض ، فيقع التعارض بين الضررين.
وتحقيق الكلام في هذا الوجه يقتضي الحديث تارة في الصغرى ، وهو أنه هل يوجد تعارض بين الضررين أم لا؟ وأخرى في الكبرى ، أي بعد فرض التعارض بين الضررين ، هل يكون حكمه التساقط ، أو تقديم أحدهما على الآخر؟ فهنا بحثان :
البحث الأوّل : ذكروا في المقام أنه لا إشكال في وقوع التعارض بين الضررين ، لكن مع فرض تلك المئونة الزائدة التي أشرنا إليها ، وإلّا فمجرّد عدم السماح بالتصرّف في بيته وحرمانه من ذلك ، لا يحقّق الضرر على المالك ، غايته يلزم منه نقص الانتفاع ، ومن الواضح أن عدم المنفعة لا يعدّ ضرراً دائماً.
وهذا الذي ذكر صحيح ، إلّا أن تحقيقه متوقف على معرفة أن منع الشخص من التصرّف في ماله ، هل يعدّ ضرراً أم لا؟ ومعرفة ذلك مرتبط بملاحظة دائرة الارتكاز العقلائي في باب سلطنة المالك وحقّه في التصرف في أمواله. فإن فرض أن الارتكاز كان يقتضي سلطنته على هذه الحصة من التصرف الضرري بالنسبة إلى الجار أيضاً ، يكون منع المالك من مثل هذا