التصرّف فرداً من الضرر العقلائي ، فلا نحتاج في إثبات ضرريته إلى فرض تلك المئونة الزائدة. أما إذا فرضنا أنه لم تثبت هذه السلطنة للمالك في الرتبة السابقة بحسب الارتكاز ، فلا يكون مجرّد حرمانه من التصرف ضرراً عليه ، ما لم تنضم تلك المؤنة الزائدة المشار إليها.
وقد عرفت في المقام السابق ، أن الارتكاز العقلائي لا يساعد على ثبوت مثل هذه السلطنة للمالك ، إلّا إذا تضرر ضرراً غير مندك في جانب ضرر الجار. إذن فمجرّد حرمانه من التصرّف في داره ومنعه من حفر البالوعة لا يكون ضرريّاً بالنسبة إليه ، لأن الضرر فرع نقصان ما هو واجد له ، والمفروض عدم وجدانه لمثل هذه السلطنة بالنظر العقلائي ، ليكون سلبها منه ضرراً عليه. والحاصل أن التعارض بين الضررين لا يتصوّر إلّا حين تفرض تلك المئونة الزائدة.
البحث الثاني : بعد فرض تعارض الضررين ، فهل مقتضى القاعدة تساقطهما ، أم جريانها في أحد الفردين دون الآخر؟ ذهب الميرزا النائيني (قدسسره) إلى أن القاعدة تجري لنفي سلطنة المالك على حفر البالوعة فتحرّم عليه ذلك ، ولا تجري لنفي حرمة الحفر وإن كان ضرريّاً عليه أيضاً. وبرهن على ذلك ، بأن هذا الحكم وليد القاعدة فلا يمكن أن ينفى بها.
توضيح ذلك : أنه لكي تجري القاعدة لا بدّ من فرض حكم ثابت في الرتبة السابقة عليها ، وذلك الحكم الذي يراد نفيه ، يمكن أن يكون أحد أمرين ، إما سلطنة المالك ، أو حرمة التصرّف عليه ، ولا معنى لكون كلا الحكمين مجعولاً