لكن ذكر المحقّق العراقي (قدِّس سرّه) تفصيلاً في مسألة الضمان ؛ توضيحه : أن من حفر بالوعة في بيته تؤثر على بئر جيرانه ، فهو على أنحاء :
أن يفرض أنه يتلف مال الغير ، كأن ينضب ماء البئر مثلاً.
أن يتلف وصف من أوصافه الدخيلة في مالية المال كعذوبة الماء.
أن لا يتلف وصفاً حقيقياً للماء ، لكن يوجب نحواً من تنفّر الطباع من شربه.
ثم أشار إلى أن المالك يضمن في الأول والثاني ، لأنه أتلف مال الغير ذاتاً أو وصفاً. أما في الثالث ، فلا ضمان بل ولا حرمة أيضاً ، لأنه لم يتلف مال الغير ، وإنما أتلف وصفاً يؤدي إلى نقص في مالية مال الغير ، وهذا وإن كان يوجب قلّة الرغبة العقلائية فيه ، إلا أنه لم يدل دليل على حرمة ذلك ولا ثبوت الضمان فيه ؛ لذا لم يستشكل أحد في أنه لو قام شخص بتقليل مالية مال شخص آخر ، كما لو أنتج أو استورد بضاعة مماثلة للبضاعة المتوفّرة في السوق ، فصار سبباً لنزول القيمة السوقية لتلك البضاعة ، فإنه لا يكون حراماً ولا موجباً للضمان.
أقول : إنّ هذه المسألة لها عرض عريض في الفقه ، لذا يُتمسك بهذا النقض عادة لنفي ضمان المالية في موارد مشابهة للمقام. منها ما إذا غصب شخص كمية من العباءات الصيفية في الصيف ، ثم أرجعها لصاحبها في الشتاء ، فقد أفتى الفقهاء بأنه لا يضمن شيئاً ، لإرجاعه نفس المال ، لأن العباءة لم تنقص لا ذاتاً ولا وصفاً. غاية الأمر أن قيمتها الآن أدنى من قيمتها وقتئذ ، والمفروض عدم ضمان المالية.
وتفصيل الكلام في هذه المسألة موكول إلى بحث الضمان من الفقه ، أي