بحث المقبوض بالعقد الفاسد من المكاسب ، وليس موضعه هنا ، ولكن أشير بنحو الاختصار إلى نكتة واحدة تعتبر كأساس لبحث الضمان ؛ وهو ضرورة التمييز بين نقصان المالية الناشئ من نزول القيمة الاستعمالية للشيء ، ونقصان المالية المتولّد من نزول القيمة التبادلية له ، فإن للمال قيمتين (١).
قيمة استعمالية : وهي القيمة التي تتحصل من منافع هذا المال وإشباعه لحوائج الإنسان الطبيعية ، بقطع النظر عن عرضه بالسوق ووجود مشترٍ له.
قيمة تبادلية : وهي التي يعبّر عنها في العرف بالسعر والثمن السوقي ، يعني قوّة تبادل هذا المال مع مال آخر. والقيمة التبادلية لا محالة تؤثّر فيها القيمة الاستعمالية ، لأن الشيء الذي ليس له قيمة استعمالية لا ينفع أصلاً ،
__________________
(١) قال الأستاذ الشهيد في كتاب «اقتصادنا» تحت عنوان «كيف وضع ماركس القاعدة الأساسية لاقتصاده؟» «يبدأ ماركس في استدلاله على جوهر القيمة ، بالتفرقة بين القيمة الاستعمالية والقيمة التبادلية. فالسرير والملعقة ورغيف الخبز مجموعة من السلع ، تتضمن كل واحدة منها قيمة استعمالية معيّنة ، بسبب المنفعة التي تؤديها السلعة. وتختلف قيمتها الاستعمالية تبعاً لاختلافها في نوعية المنفعة التي يجنيها الإنسان منها. ولكل واحدة من تلك السلع قيمة من نوع آخر ، فان السرير الخشبي الذي ينتجه الصانع ، كما يمكن أن ينام عليه ، وهذا ما يحدّد قيمته الاستعمالية ، كذلك يمكنه أن يستبدله بثوب يلبسه ، وهذا يعبَّر عنه بالقيمة التبادلية.
فالثوب والسرير بينما كانا متناقضين في منافعهما وقيمتهما الاستعمالية ، نجد أنهما يشتركان في قيمة تبادلية واحدة ، أي أن كلّاً منهما يمكن استبداله بالآخر في السوق ، لأن سريراً خشيباً واحداً يساوي ثوباً حريرياً من نوع معين».
(اقتصادنا ، محمد باقر الصدر ، ج ١ ، ص ١٩٠ ، دار التعارف للمطبوعات بيروت ، لبنان ، الطبعة السادسة عشرة سنة ١٤٠٢ ه).