المطلوب ، أو أنّ المطلوب أوّلاً وواقعاً هو نفس الطبيعة الشاملة لكلّ فرد ، وحيث أنّ الطبيعة لا توجد إلّا بوجود أفرادها ، اعتبر الفرد كوسيلة للامتثال وكفى؟» (١).
هناك مسالك متعدّدة للجواب عن أنّ الأوامر متعلّقة بالطبائع أو الأفراد ، ومن بينها مسلك يُرجع البحث عن هذه المسألة إلى مسألة الوجود أو أصالة الماهية فيقول : «يتعلّق الأوامر بالأفراد إذا كان الوجود هو الأصيل ، وأمّا إذا كانت الماهية هي الأصيلة فالأوامر تتعلّق بالطبائع» (٢).
ومنها : مسألة اجتماع الأمر والنهي.
«اختلفوا في جواز اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد ، وهنا قد يتساءل : هل من عاقل ينكر ويجادل في أنّ الأمر غير النهي ، والوجوب غير التحريم ، وأنهما ضدّان لا يجتمعان في شيء واحد ، وإذن فلا معنى للنقاش في جواز اجتماعهما ما دام مستحيلاً في ذاته؟
الجواب أجل ، لا عاقل ولا قائل يقول : بأنّ الشيء الواحد يسوغ الحكم عليه بالوجوب والتحريم معاً. ولكن بعد الاعتراف بهذه الحقيقة حدث الخلاف في أنّ الفاعل المختار إذا تصرّف وفعل ما يجمع بين عنوان تعلّق به الأمر وآخر تعلّق به النهي كما لو صلّى في مكان الغصب فهل فعله هذا وإيجاده العنوانين بعملية واحدة يستدعي اتحاد متعلّق الأمر ومتعلّق النهي بحيث يكون المأمور به عين المنهيّ عنه ، والمنهيّ عنه نفس المأمور به في الواقع ، حتّى نلجأ إلى
__________________
(١) علم أصول الفقه في ثوبه الجديد ، مصدر سابق ، ص ٨٠.
(٢) بحوث في علم الأصول ، مصدر سابق ، ج ٣ ، ص ٥٨.