فلو دفعه الى المرتهن ثم اقترض لم يصر بذلك رهنا.
______________________________________________________
والأوجه في الاستدلال أن يقال : ان الرهن في محل النزاع عقد صدر من أهله في محله ، ولا مانع إلاّ تخيل كون هذه الأعيان لا تستوفي من الرهن ، فانتفى مقصوده فامتنع صحته.
وهذا خيال ضعيف ، فان استيفاءها إنما يكون عند الحاجة لا مطلقا ، ومحل الحاجة هنا : هو حال التلف ، وفي تلك الحال هو ممكن ، لأن المراد باستيفائها : هو أخذ عوضها الواجب شرعا ، والاّ لامتنع الرهن على الثابت في الذمة مثله ، إذ من المعلوم أن ذلك بعينه لا يستوفى بشيء من ثمن الرهن ، فعلى هذا يجب الحكم بصحته ، لثبوت المقتضي بعموم النصوص وانتفاء المانع. ولا يرد لزوم مثل ذلك في غير المضمونة لوجهين :
أ : ثبوت الإجماع على عدم الجواز فيها ، ووقوع الخلاف هنا.
ب : أن يكون الاعتبار المصحح للرهن في المضمونة منتفيا فيها ، وهو تعلق عهدتها في الذمة ، وهذا القول قوي.
ومثله أخذ الرهن على الثمن للمشتري ، أو المبيع للبائع على تقدير ظهور فساد البيع ، وقد صرح باستوائهما في الحكم المصنف في التحرير (١) ، وشيخنا الشهيد في الدروس (٢).
وإن كان المصنف في التذكرة ـ مع قوله بصحة الرهن على الأعيان المضمونة ـ منع من الرهن بعهدة البيع (٣) ، وليس بواضح. وما علل به من منعه الارتفاق مردود ، لورود مثله في الرهن على ثمن المبيع مؤجلا ، والظاهر أن أخذ الرهن على الصحة حذرا من نقصانها كالرهن على المبيع.
قوله : ( فلو دفعه الى المرتهن ، ثم اقترض لم يصر بذلك رهنا ).
رد بذلك على أبي حنيفة ، ومالك ، وبعض الشافعية ، حيث قالوا : ان من دفع الى غيره ثوبا ، وقال : رهنتك هذا على عشرة دراهم تقرضنيها غدا ، وسلم اليه
__________________
(١) تحرير الأحكام : ٢٠٥.
(٢) الدروس : ٤٠٢.
(٣) التذكرة ٢ : ٢٣.