ولو لم يقبض قدّم قول المحيل قطعا ، ولو انعكس الفرض قدّم قول المحتال ،
______________________________________________________
كالإيفاء بغير الحوالة ، فإن الملك فيه متوقف على القبض ، ومن ثم يجوز الأبدال قبله.
فعلى هذا يكون قوله : ( ولو لم يقبض قدم قول المحيل قطعا ) في غاية البعد ، وما قطع به غير ظاهر.
قوله : ( ولو انعكس الفرض قدم قول المحتال ).
أي : لو قال المديون ـ بعد اتفاقهما على جريان لفظ الحوالة ـ : أحلتك ، فقال : بل وكلتني قدم قول مدعي الوكالة ، وهو المحتال بيمينه ، عملا بأصالة بقاء الحقين ، والمديون يدعي خلافهما وانتقالهما فكان عليه البينة.
وتظهر فائدة هذا الاختلاف عند إفلاس المحال عليه ، ونحوه. وفي توجيهه نظر ، لأن الأصل في اللفظ الحقيقة ، والحمل على المجاز خلاف الأصل ، والمحيل أعرف بلفظه وقصده.
والأصل الذي ادعاه بالنسبة إلى الحقين زال بالسبب الواقع بينهما ، ومن هذا علم أن ما اختاره هنا أيضا في غاية البعد ، مع مخالفته لما سبق من مجيء الوجهين في المسألة الاولى ، فلا أقل من مجيئها هنا وإن كان عنده أحدهما أرجح.
وفي التذكرة جعل هذا الحكم فيما إذا لم يتفقا على لفظ مخصوص (١) ، أما إذا اتفقا على الحوالة واختلفا هذا الاختلاف ، فالوجهان في المسألة الأولى على العكس هنا.
وهذا كله إذا لم يأت باللفظ على وجه لا يحتمل المجاز ، فان اتى به كذلك ، كما لو قال : أحلتك بالمائة التي لك علي على المائة التي لي على زيد ، ثم اختلفا الاختلاف السابق ، فان القول قول مدعي الحوالة لامتناع ارادة المجاز ، وقطع به في التذكرة (٢).
__________________
(١) التذكرة ٢ : ١١١.
(٢) المصدر السابق.