والعامل أمين لا يضمن ما يتلف إلاّ بتعد أو تفريط ، سواء كان العقد صحيحا أو فاسدا ،
______________________________________________________
وأمّا استحقاق اجرة المثل فلأنّ العمل الصادر لم يكن تبرعا ، ولم يقع في مقابله استحقاق عوض معيّن فتجب اجرة المثل. ولأن الفساد في العقد يوجب ردّ كل من العوضين الى صاحبه ، والعمل يتعذر ردّه لتلفه فتجب قيمته وهي أجرة المثل.
قيل : المشروط في مقابل ذلك العمل الحصة من الربح على تقدير ظهوره ، ففي صورة انتفاء الربح يجب أن لا يستحق اجرة مع الفساد ، لأنه حينئذ لا شيء في مقابله.
قلنا : لا ريب أنّ العمل مع الفساد مقابل بالربح في العقد ، والربح مرجو الحصول في الجملة ، فلم يقع تبرعا في حال من الأحوال غاية ما يقال : إن عوضه يجب أن يكون منحصرا في الربح ، لكن ذلك إنّما هو على تقدير صحة العقد ، أمّا على تقدير الفساد فتجب اجرة المثل ، لأنّ كل ما وقع لا على وجه التبرع وجبت له اجرة المثل.
وقد بقي هنا شيء ، وهو أن لا فرق في نفوذ التصرف واستحقاق اجرة المثل بين كون العامل عالما بالفساد أولا ، وهذا يتمشى في نفوذ التصرف نظرا الى حصول الاذن أمّا استحقاق الأجرة مع علمه بالفساد حين العمل فموضع تأمل ، وكذا في الإجارة الفاسدة ولم أذكر الآن تصريحا في كلامهم بالنص على ذلك نفيا ولا إثباتا ، لكن عباراتهم مطلقة باستحقاق الأجرة فيجب التثبت في ذلك.
إذا عرفت هذا فاعلم أن استحقاق الأجرة إنّما هو إذا لم يرض بالعمل مجانا ، فإن رضي به كذلك فلا اجرة له كما ذكره المصنف ، خلافا للشيخ في المبسوط (١) ، وقد سبق التنبيه عليه.
قوله : ( والعامل أمين لا يضمن ما يتلف إلاّ بتعد أو تفريط ، سواء كان
__________________
(١) المبسوط ٣ : ١٧١.