ولا المجنون ، ولو عرض بعد التوكيل بطلت الوكالة.
______________________________________________________
لمّا كان تصرّف الوكيل بالوكالة محسوبا من تصرّف الموكل اشترط لصحة التوكيل أن يملك الموكل مباشرة الفعل الموكل فيه بملك أو ولاية ، وإن منعه من إنشاء الفعل الجهل بالشيء ـ لكون العلم به شرطا لصحة ذلك الفعل كالبيع المشروط بالعلم بالمبيع ـ فان الجهل به لا يخل بصحة التوكيل.
فعلى هذا لا يصح توكيل الصبي على حال في شيء من التصرّفات ، لأنّه لا يملك مباشرة التصرّف في شيء ، سواء كان مميزا أم لا ، وسواء بلغ عشرا أم لا ، وسواء كانت الوكالة في المعروف أم لا.
ويجيء على قول الشيخ (١) وجماعة (٢) بجواز تصرّفه بالعتق والصدقة والوصية في المعروف استنادا إلى الرواية الدالة على جواز ذلك منه إذا بلغ عشرا أو بلغ خمسة أشبار (٣) جواز توكيله في ذلك ، لصحة مباشرته للتصرف. وهذا صحيح على القول به ، إلاّ أن القول به ـ وإن كان مشهورا مستندا الى النصوص (٤) ـ غير واضح فيمتنع توكيله مطلقا.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ المراد بقول المصنف : ( مطلقا ) تعميم منع الصبي من التوكيل في جميع التصرفات ، لأنّه لا يملك شيئا منها. وأشار بالرأي إلى قول المخالف بالجواز في المواضع المذكورة.
قوله : ( ولا المجنون ، ولو عرض بعد التوكيل بطلت الوكالة ).
لما قلناه من أنّ تصرف الوكيل تصرّف الموكل ، وأنّه لا بدّ أن يملك أهلية المباشرة ـ وكذا تبطل بتجدد كل ما يخرج عن أهلية المباشرة.
__________________
(١) النهاية : ٦١١.
(٢) منهم الشيخ المفيد في المقنعة : ١٠١ ، وسلار في المراسم : ٢٠٣ ، وابن البراج في المهذب ٢ : ١١٩.
(٣) التهذيب ٩ : ١٨١ حديث ٧٢٦ و ٧٢٩.
(٤) التهذيب ٩ : ١٨١ و ١٨٢ حديث ٧٢٦ و ٧٢٩ و ٧٣٠.