______________________________________________________
ومنع بعض الشافعية من التوكيل في استيفاء حدود الآدميين في غيبة المستحق ، لأنه لا يتبين بقاء الاستحقاق عند الغيبة ، لاحتمال العفو ، ولأنه ربما يرق قلبه حال حضوره فيعفو فيشترط الحضور (١). ويضعّف بأن الأصل البقاء ، والاحتمال لا أثر له لقيامه مع حضوره ، ورجاء رقة قلبه لا ينهض مانعا.
وكذا يجوز التوكيل في قبض الديات كسائر الأموال ، ويجوز التوكيل في الجهاد ، لان الغرض حراسة المسلمين وحفظ عمود الدين ، وليس الغرض متعلقا بمعيّن فيوكل من وجب عليه من لم يتعلق به الوجوب إلا أن يتعيّن المكلف لذلك بتعيين الإمام عليهالسلام إياه لشدة بلائه في الحرب ، أو جودة رأيه ووفور عقله ، ونحو ذلك من المصالح. وكذا لو دهم المسلمين عدو وتوقف الدفع عليه فإنه يتعيّن وإن لم يعيّنه الإمام عليهالسلام فلا يجوز التوكيل ، وهذا هو المراد بقول المصنف : ( على وجه ).
وكذا يجوز التوكيل في إثبات حدود الآدميين وعقوباتهم ، لأنه حق لآدمي لا يختص فعله بمباشر معيّن ، ومنع أبو يوسف من ذلك (٢).
أما حدود الله تعالى فقد صرح المصنف بالمنع من التوكيل في إثباتها هنا ، وصرح في التذكرة بالجواز ، محتجا بأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ووكّل أنيسا في إثبات الحد واستيفائه جميعا فإنه قال : « فإن اعترفت فارجمها » (٣) قال : وهذا يدل على انه لم يكن قد ثبت فقد وكّله في إثباته ، ولأن الحاكم إذا استناب نائبا في عمل فإنه يدخل في تلك النيابة الحدود وإثباتها ، فإذا دخلت في التوكيل بالعموم فبالتخصيص أولى. ثم
__________________
(١) المجموع ١٤ : ١٠١.
(٢) اللباب ٢ : ١٣٢ ، شرح فتح القدير ٧ : ٧.
(٣) سنن البيهقي ٨ : ٢٢٦.