أما ما لا تدخله النيابة فلا يصح التوكيل فيه ، وهو كل ما تعلّق به غرض الشارع بإيقاعه من المكلّف به مباشرة كالطهارة مع القدرة وإن جازت النيابة في تغسيل الأعضاء مع العجز ، والصلاة الواجبة ما دام حيا ، وكذا الصوم ، والاعتكاف ، والحج الواجب مع القدرة ، والنذر واليمين والعهد ،
______________________________________________________
وليس للآخر الامتناع. ومنع ابن الجنيد من توكيل الحاضر في الدعوى إلا برضى الخصم (١) ، واعتبر بعض العامة العذر كالمرض والتخدير (٢) ، وبعضهم جوّز مع سفاهة الخصم وخبث لسانه ، والكل ضعيف.
وكذا يجوز في سائر العقود من الوقف ، والهبة ، والحبس ، والعمرى ، والرقبى ، والوصية إيجابا وقبولا وفعل متعلقها مع عدم المانع ، ونحو ذلك. ومنع بعض الشافعية من التوكيل في هذه لكونه قربة ضعيف ، فإن القربة لا تنافي النيابة ، وكذا يجوز التوكيل في سائر الفسوخ.
والحاصل أن كل فعل لم يتعلق غرض الشارع بإيقاعه من مباشر معيّن يجوز التوكيل فيه ، فهذا هو الضابط وإن كان لا يستفاد هذا الحكم إلاّ بالتتبع والاستقرار. وينبغي التنبيه بشيء ، وهو أن كل ما تدخله النيابة وهو على الفور لا يصح التوكيل فيه إذا نافى التوكيل الفور ، لأنه يؤدي الى إسقاطه.
قوله : ( أما ما لا تدخله النيابة فلا يصح التوكيل فيه ، وهو كل ما تعلق غرض الشارع بإيقاعه من المكلف به مباشرة كالطهارة ، وإن جازت النيابة في تغسيل الأعضاء مع العجز والصلاة الواجبة ما دام حيا ، وكذا الصوم والاعتكاف والحج الواجب مع القدرة والنذر واليمين والعهد ،
__________________
(١) المختلف : ٤٣٦.
(٢) قاله أبو حنيفة انظر : اللباب ٢ : ١٣٩ ، الهداية المطبوعة مع شرح فتح القدير ٧ : ٥٥٩ ، المجموع ١٤ : ١٠٠.