أقول : القول الأخير ضعيف دليلا ، إذ ليس له دليل سوى الحمل على الجناية ، وهو قياس مردود.
وأمّا قوله في رواية عليّ بن أبي حمزة المتقدّمة : « يعطيها سيّده من ثمنه ».
فلا يدلّ على تعيين ذلك ، فيمكن أن يكون من باب ذكر أحد أفراد المخيّر المتيقّن حضوره ، ولذلك ذكره.
وأما القول الثاني ، فهو الموافق دليله للأصل ، كما يظهر وجهه ، إلاّ أنّه كان حسنا لو لا أدلّة القول الأول.
وهي أيضا وإن كانت قاصرة غير رواية عليّ بن أبي حمزة ، أمّا الأول فلأنّ الإذن في النكاح يستلزم الإذن في لازمه ، ولكن لازمه حيث يطلق تعلّق المهر والنفقة على الزوج لا غيره ، وهو الأصل الثابت من الأدلّة.
نعم ، لكون ذمّة الزوج هنا مشغولة بحقّ المولى وغير قادر على شيء يستلزم تخلية ذمّته عن حقّه بهذا القدر وقدرته عليه ، لأنّه يقدر بعد إذن المولى.
وبهذا التقرير يندفع ما قيل في تتميم الدليل المذكور من أنّه حيث كان المهر والنفقة لازمين للنكاح ، والعبد لا يملك شيئا ، وكسبه من جملة أموال المولى ، كان الإذن فيه موجبا لالتزام ذلك ، من غير أن يتقيّد بنوع خاصّ من ماله ـ كباقي ديونه ـ فيتخيّر بين بذله من ماله ومن كسب العبد إن وفي به ، وإلاّ وجب عليه الإكمال (١). انتهى.
فإنّ اللازم للنكاح المهر والنفقة على الزوج ، فكان الإذن فيه موجبا لالتزام ذلك في هذا النوع الخاصّ من المال.
__________________
(١) انظر الرياض ٢ : ١١٩.