الشرط الرابع : أن يبلغ مقدارا معيّنا.
فإنّ مطلق الرضاع ومسمّاه غير كاف في نشر الحرمة ، بل لا بدّ له من مقدار معيّن زائد على أصل المسمّى.
وهو مجمع عليه بين الطائفة إجماعا محقّقا ، ومحكيّا مستفيضا (١) ، والأخبار به مستفيضة بل متواترة ، كما تأتي إلى بعضها الإشارة ، وبها تقيّد مطلقات الرضاع وتخصّص عموماتها.
وأمّا المكاتبة الصحيحة : عمّا يحرم من الرضاع؟ فكتب ع : « قليله وكثيره حرام » (٢).
فلا يعلم منافاتها لها ، لما فيها من الإجمال في الدلالة ، لأنّ المذكور فيها الرضاع الحرام ، وكلامنا في الرضاع الموجب للحرمة ، وهو ليس بحرام ، فالمراد من السؤال والجواب غير معلوم. ويمكن أن يكون السؤال عن الرضاع بعد الفطام.
مضافا إلى أنّها على فرض الدلالة غير حجّة ، لمخالفتها لإجماع الطائفة ، ومعارضتها للأخبار المتواترة ، وموافقتها لمذهب مالك وأبي حنيفة (٣).
ثمَّ إنّ نصاب سبب التحريم مقدّر في الشرع بتقديرات ثلاثة : الأثر ، والزمان ، والعدد.
أمّا الأول : فهو ما أنبت اللحم وشدّ العظم ، واعتباره متّفق عليه ، بل
__________________
(١) كما في التذكرة ٢ : ٦١٩ ، المسالك ١ : ٤٦٥ ، الحدائق ٢٣ : ٣٣٠.
(٢) التهذيب ٧ : ٣١٦ ـ ١٣٠٨ ، الاستبصار ٣ : ١٩٦ ـ ٧١١ ، الوسائل ٢٠ : ٣٧٧ أبواب ما يحرم بالرضاع ب ٢ ح ١٠.
(٣) كما في المغني والشرح الكبير ٩ : ١٩٣.