مذهب أبي حنيفة (١) وأحد قولي الشافعي (٢) وأحمد (٣) عدم المحرميّة.
إلاّ أنّه يمكن أن يقال : إنّ الترجيح بهذه الأمور إنّما ثبت بالعمومات ، والمرجّح هنا خاصّ ، وهو رواية الصيقل المصرّحة بتقديم رواية الحرمة ، فلا مناص عن ترجيحها ، مع أنّ الآيتين غير صريحتين في الجواز.
أمّا الأولى ، فلما في الخلاف والمبسوط والسرائر أنّه روى أصحابنا أنّ المراد بـ ( ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ ) : الإماء (٤) ، ومع ذلك لا يكون ظاهرا في العموم ، لأنّ قولهم بمنزلة رواية مرسلة منجبر ضعفها بالشهرة والعمل.
وأمّا الثانية ، فلعدم صراحتها في النظر ، مع أنّ الظاهر انعقاد إجماعنا على عدم المحرميّة ، فالقول بالمنع ـ سيّما في غير الشعر والساق ـ أظهر.
ومنها : نظر الخصيّ إلى غير محارمه ، فإنّ فيه خلافا بين أصحابنا : فالإسكافي جوّزه مطلقا (٥) ، حرّا كان الخصيّ أو مملوكا ، مالكته كانت المنظور إليه أو غيرها. وقوّاه طائفة من المتأخّرين ، منهم : صاحب الكفاية (٦).
وخصّ في المختلف (٧) جواز نظر المملوك منه إلى مالكته ، وقوّاه المحقّق الثاني (٨).
__________________
(١) انظر التفسير الكبير ٢٣ : ٢٠٧ وتفسير روح المعاني ١٨ : ١٤٣.
(٢) كما في تفسير روح المعاني ١٨ : ١٤٣.
(٣) انظر المغني والشرح الكبير على متن المقنع ٧ : ٤٥٧.
(٤) الخلاف ٤ : ٢٤٩ ، ٢٥٠ ، المبسوط ٤ : ١٦١ ، السرائر ٢ : ٦١٠.
(٥) حكاه عنه في المختلف : ٥٣٤.
(٦) كفاية الأحكام : ١٥٤.
(٧) المختلف : ٥٣٤.
(٨) جامع المقاصد ١٢ : ٣٨.