عليه وآله ) إلى أن قال : « فهي من أحب الصلوات لله عز وجل ، وأوصاني بحفظها من بين الصلوات » ولأنها وسط بين صلاتي نهار وصلاتي ليل ، ولبعض الأخبار العامية (١) ولا ريب أن الأول أقوى ، لصحة روايته ، وقوة اعتباره ، قيل وهنا أقوال أخر كأنها للعامة ، منها أنها الصبح ، لتوسطها بين صلاتي الليل وصلاتي النهار ، وبين الضياء والظلام ، ولأنها لا تجمع مع أخرى ، فهي منفردة بين مجتمعتين ، ولمزيد فضلها بحضور ملائكة الليل والنهار ، كما قال الله تعالى (٢) ( إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً ) ولما فيها من المشقة التي تناسب الأمر بالمحافظة عليها ، لأنها مظنة التضييع بسبب البرد في الشتاء ، وطيب النوم في الصيف مع فتور الأعضاء وكثرة النعاس وشدة الغفلة ومحبة الاستراحة ، ومنها أنها المغرب ، لتوسطها بين بياض النهار وسواد الليل ، وأزيد من ركعتين وأقل من أربع ، فهي متوسطة بين رباعي وثنائي ، ولا تنقص في السفر مع زيادتها على الركعتين ، فناسب التأكيد بالأمر بالمحافظة عليها ، ولأن الظهر هي الأولى ، إذ قد وجبت أولا فيكون المغرب هي الوسطى ، ومنها أنها العشاء ، لأنها متوسطة بين صلاتين لا يقتصران : الصبح والمغرب ، أو بين ليله ونهاره ، ولأنها أثقل صلاة على المنافقين ، وقيل هي مخفية مثل ليلة القدر ، وعن بعض أئمة الزيدية أنها الجمعة في يومها ، والظهر في غيرها وأنت خبير أن ذلك كله اعتبارات واستحسانات وتهجسات لا يجوز أن تكون مدركا لحكم شرعي ، إنما الواجب الرجوع في ذلك إلى مهابط الوحي وخزان العلم ومعادن السر ، وقد عرفته ، والله أعلم.
وأما نوافلها أي الفرائض في الحضر فـ ( أربع وثلاثون ركعة على الأشهر ) نصا وفتوى ، بل المشهور نقلا وتحصيلا ، بل في فوائد الشرائع أنه
__________________
(١) كنز العمال ـ ج ٤ ـ ص ٨٣ ـ الرقم ١٧٠٢.
(٢) سورة الإسراء ـ الآية ٨٠.