احتمال بنائه على أن هذا التفاوت لا يقدح في حصول الجهة بالمعنى المزبور أن البعيد كلما بعد بأدنى انحراف يخرج عن المسامتة والمقابلة الحسيين كما هو المشاهد في نحو الجدي وغيره من الأجسام البعيدة المشاهدة ، فلا ريب في أن الأحوط مراعاة الانحراف المزبور قدر الإمكان ، للقطع بحصول الظن بالمقابلة معه بخلاف غيره ، وقد عرفت سابقا أن المدار على ذلك.
ومنه يعرف الكلام في العلامة الثالثة التي مبناها استخراج الزوال بغير مراعاة القبلة حتى تكون علامة لها ، وهي كالعلامة الأولى لا تنطبق إلا على من كان قبلته من العراق نقطة الجنوب كالموصل ونحوه لا أواسطه ، ضرورة أن الشمس انما تزول عن محاذاة القطب الجنوبي ، وحينئذ انما تكون على الحاجب الأيمن لمن تكون قبلته نقطة الجنوب ، وليس هؤلاء كذلك ، لما عرفت من انحرافهم عنها إلى المغرب ، وإلا لجعلوا الجدي بين الكتفين ، وانما تصير الشمس على حاجبهم بعد الزوال بمدة ، واحتمال إرادة ذلك من نحو العبارة لا أول الزوال كما ترى ، خصوصا بعد تصريح جماعة بالأول ، وبعد عدم تقرير المزبورة المتوقف معرفة العلامة عليها ، وكذا احتمال إرادة الطرف الأيمن من الحاجب الأيسر في العبارة وما ضاهاها ، للقطع بإرادة الجميع وإن اختلفوا في التعبير في الجملة وضع الشمس أول الزوال على الطرف الذي يلي الأنف من الحاجب الأيمن ، فلا بد من حمله على ما عرفت من اغتفار هذا التفاوت ، أو عدم القدح بالجهة بالمعنى الذي ذكرنا ، أو أن المراد كونها علامات للعراق في الجملة ، لاختلاف طول بلدانه المقتضي لاختلاف قبلته ، أو غير ذلك مما عرفته مفصلا ، والله أعلم.
ومن ذلك يعلم أن كل من شارك العراقي في استقبال هذا الركن وكان أطول منه بلادا احتاج إلى زيادة انحراف نحو المغرب ، لكن عن إزاحة العلة لشاذان أن أهل البصرة والبحرين واليمامة والأهواز وخوزستان وفارس وسجستان إلى الصين