واما شرعا فقد ذكروا لها تعريفات متعددة لا فائدة في التعرض لها ، ولقد أجاد في المدارك حيث قال : « هي أشهر من أن يتوقف معناها على التعريف اللفظي ، وهو كذلك ، على أنه لا يكاد يسلم شيء منها عن نقض في طرده أو عكسه أو اشتماله على ما يخرجه عن قياس التعاريف ، بل لعل ذلك كالمتعسر باعتبار اختلاف أحوالها بالنسبة للمختار والمضطر والصحيح والسقيم ، فتارة تكون أقوالا محضة ، وأخرى أفعالا كذلك ، وأخرى تجمعهما ، ولكل من الأحوال الثلاثة أحوال أيضا ، وإن أبيت إلا التعريف فالأولى تعريفها بأنها العبادة التي اعتبر الشارع في افتتاحها التكبير أو بدله ، واختتامها التسليم أو بدله ، وان كنت لا أضمن عدم ورود شيء عليه ، وعلى كل حال فهي بهذا المعنى أمر شرعي لا مدخلية للغة فيه ، وأنى وأهل اللغة وهذا المعنى ، إنما البحث في أنها حقيقة شرعية أو مجاز ، وقد فرغنا من ذلك في الأصول ، وذكرنا أن الحق الأول ، وذكر بعض أهل اللغة لهذا المعنى في سلك ما ذكر من المعاني لهذا اللفظ لا يقتضي الوضع له لغة بعد أن جرت عادتهم أو الأكثر منهم على عدم الاقتصار على ذكر الحقائق اللغوية ، بل يذكرون كلما يستعمل فيه اللفظ وان كان مجازا ، على أن من المحتمل كون ذكرهم لهذا المعنى وان كان هو حقيقة شرعية باعتبار أن أهل الشرع من أهل اللغة أيضا ومن العرب الفصحاء ، وحينئذ تندرج بهذا الاعتبار في الحقائق اللغوية ، إذ جعل خصوص الوضع عندهم حقيقة شرعية انما هو مجرد اصطلاح حادث لا يجب جريان كتب اللغة عليه ، خصوصا إذا قلنا : إن لفظ الصلاة والحج ونحوهما موضوعة لمعان شرعية قبل زمن شرعنا ، ضرورة وجود الصلاة والحج وغيرهما عند اليهود والنصارى وغيرهما من كفار العرب على وجه يسمونه بهذه الأسماء في لغة العرب ، كما أنه يسمونه بغيرها بالفارسية ونحوها ، فهي حقائق في عباداتهم قبل زمن