ولو أدرك قبل الغروب أو قبل انتصاف الليل إحدى الفريضتين لزمته تلك لا غير لاستحالة التكليف بهما معا في وقت لا يسعهما ، ولأن المختار عندنا اختصاص الوقت من الأخير في الأخيرة ، فلو أدرك قبل الغروب مقدار أربع ركعات خاصة في الحضر أو ركعتين في السفر وجبت العصر خاصة عندنا ، وهو مع وضوحه منصوص (١) وللشافعي فيما حكي عنه قول بوجوبهما إذا أدرك ركعة من العصر ، وآخر إذا أدرك ركعة وتكبيرة ، وآخر إذا أدرك الطهارة وركعة ، والكل باطل عندنا وإن كان ربما توهم بعض النصوص (٢) وجوبهما بإدراك شيء من اليوم ، وحملت على إدراك وقتهما ، وكان إطلاق المصنف إحداهما ظاهر في القول بالاشتراك ، بناء على مشروعية التخيير له بين الفرضين على هذا التقدير ، إلا أن يريد إحداهما المعينة ، لكن هي الأولى على الاشتراك كما جزم به في المدارك لسبقها ، وتوقف صحة الثانية عليها عند التذكر ، والثانية على الاختصاص ، فالإطلاق حينئذ يتأتى على المذهبين.
وإن أدرك الطهارة وخمس ركعات قبل المغرب لزمته الفريضتان لعموم (٣) « من أدرك » وغيره مما مر في باب الحيض ، لكن مقدار الأربع من الخمس في الأصل للظهر ، أو مقدار ما عدا الأولى للعصر وإن زاحمها الظهر فيها وجهان كما في القواعد وغيرها من الخلاف السابق ، إذ على القول بأداء الجميع يكون مقدار ثلاث وقتا اضطراريا للظهر ، وعلى الآخرين للعصر ، قيل : وتظهر الفائدة في المغرب والعشاء ، فعلى الأول يجبان معا لو أدرك أربع ركعات من الانتصاف كما عن بعض العامة التصريح به ، مخرجا له على أنه إذا أدرك خمسا من الظهرين مثلا تكون الأربع للظهر لسبقها ، ووجوب تقديمها عند الجمع ، ولأنه لو لم يدرك سوى ركعة لم يجب الظهر ، ولو أدرك أربعة معها
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب الحيض ـ الحديث ٦ من كتاب الطهارة.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٩ ـ من أبواب الحيض ـ الحديث ٧ من كتاب الطهارة.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢ من كتاب الصلاة.