وإن كان هو جزء ، أو يراد بالصلاة المفضلة عليه إحدى الفرائض الخمس ، أو غير ذلك.
وكيف كان فالمشهور في كتب الفقه أن الصلاة لغة الدعاء ، ولعل منه قول الأعشى :
تقول بنتي وقد
قيضت مرتحلا |
|
يا رب جنب أبي الأوصاب
والوجعا |
عليك مثل الذي
صليت فاغتمضي |
|
نوما فان لجنب
المرء مضطجعا |
بل في روض الجنان أنها كذلك من الله عز وجل وغيره ردا على من قال : إنها منه بمعنى الرحمة ومن الملائكة الاستغفار ، ومن الناس الدعاء ، معللا له بأن ارتكاب كونها في ذلك ونحوه مجازا خير من جعلها مشتركة ، وبأن ظاهر العطف في قوله تعالى (١) : ( عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ) يقتضي المغايرة ، وفيه أن الخيرية تجدي مع الشك ، وهو هنا ممنوع ، إذ لو سلم عدم القطع من تصريح البعض به ـ بل قد يظهر من المحكي عن المحقق الثاني نسبته إلى الجميع أو الأكثر ، ومن كثرة استعمال لفظ الصلاة في ذلك على وجه يبعد أن يكون مجازا ، خصوصا في مثل قوله : اللهم صل على محمد وآله ونحوه وغير ذلك بوضعها لذلك ـ فلا أقل من الظن ، وهو كاف في الموضوعات ، نعم الظاهر أن الثاني من الثالث ، إذ الاستغفار نوع من الدعاء ، وأما الآية فهي مشتركة الإلزام ، إذ هو لا ينكر أنها منه تعالى بمعنى الرحمة إنما يمنع انه حقيقة ، ولذا أجاب عن الآية بعد ذلك بإنكار اقتضاء العطف المغايرة ناقلا له عن مغني ابن هشام مستشهدا له بهذه الآية وغيرها ، وفيه أنه لا ريب في ظهور العطف بذلك إلا مع القرينة ، ولعل الآية منه ، لا أن أصل العطف لا ظهور له بذلك ، فتأمل.
وربما قيل : إنها لغة المتابعة أيضا ، وحسن الثناء من الله تعالى على رسوله (ص) وفيه أن الثاني مجاز قطعا بناء على أنها في الرحمة حقيقة ، ولعل من ذكره أراد إبدال الرحمة به ، وفي النهاية قيل : إن أصلها في اللغة التعظيم ، ولعل منه الصلوات لله في تشهد الناس.
__________________
(١) سورة البقرة ـ الآية ١٥٢.