قال : أي العمل على وفقه لأنه عمل بالظن في مقابلة العلم ، وهو غير ظن الغلط الذي حكيناه عن المبسوط والمهذب ، ولا مستلزم له ، فان استلزمه انقلب العلم وهما ، وفيه أنه لا ريب في الانقلاب المزبور مع فرض حصول الاجتهاد بما ينافيه ، ولعله حمل كلام الشيخ على ظن غلطها الحاصل من غير الاجتهاد ، لا منه الذي حصول الغلط فيه أولى من الغلط فيها ، ومع ذلك لا يخلو من نظر أيضا ، فالأولى ترك الاجتهاد ، لعدم وجوبه قطعا ، فلو اجتهد فظن الغلط ملاحظا لاستمرار فعل المسلمين كان الأحوط له الصلاة إلى الجهتين.
وأما الاجتهاد فيها يمينا وشمالا فقد صرح جماعة من الأصحاب بجوازه ، بل لا أجد فيه خلافا بينهم إلا من المحكي عن نهاية الأحكام ، حيث قال : « ولو اجتهد فأداه اجتهاده إلى خلافها فان كانت بنيت على القطع لم يجز العدول إلى الاجتهاد ، وإلا جاز » والظاهر اكتفاؤه في البناء على القطع باستمرار صلاة المسلمين إليها من غير معارض ، كما أن دليله على الظاهر أقربية احتمال إصابة الخلق الكثير من احتمال إصابة الواحد فيه ، لكن يرده ما في الذكرى من جواز ترك الخلق الكثير الاجتهاد في ذلك ، لأنه غير واجب عليهم ، فلا يدل مجرد صلاتهم على تحريم اجتهاد غيرهم ، وانما يعارض اجتهاد العارف لو ثبت وجوب اجتهاد الكثير أو ثبت وقوعه ، وكلاهما في حيز المنع ، بل لا يجب الاجتهاد قطعا ، قال : وقد وقع في زماننا اجتهاد بعض علماء الهيئة في قبلة مسجد دمشق ، فان فيها تياسرا عن القبلة مع انطواء الأعصار الماضية على عدم ذلك ، وقال أيضا عن عبد الله بن المبارك انه أمر أهل مرو بالتياسر بعد رجوعه من الحج ، قلت : إن أريد باليمين والشمال ما لا يقدح عدمه في الصلاة فلا ثمرة معتد بها لهذه المسألة ، ضرورة أنه يجوز ترك العمل به ولو بعد الاجتهاد ، وإن أريد ما يقدح منهما فهو كالخطإ في الجهة مستبعد على الخلق الكثير في الأزمنة المتطاولة ، خصوصا وقد عرفت أن