لكان وجوب العصر مشروطا بأداء الظهر لا مطلقا ، فحينئذ يتجه مراعاتهما معا بالنسبة إلى الجهة ، إذ هما حينئذ بعد التأمل كالفعل الواحد المترتب بعضه على بعض ، فان قوله عليهالسلام (١) : « إذا زالت الشمس صلى الظهر والعصر إلا أن هذه قبل هذه » ظاهر في إرادتهما معا بأمر واحد إلا أن هذه قبل هذه ، ففي الفرض يصليهما معا إلى جهتين ، ولا يختص العصر بالأربع ولا الظهر بالثلاث ، نعم لو كان الباقي ثلاثا مثلا أمكن القول بصلاتهما معا إلى جهة ، واختصاص العصر بالثلاثة ، لأنه مع فرض عدم إصابة الجهة في فعلها يختص العصر بالأربعة المزبورة ، ولا جهة صحة للظهر فيها ، ولذا اختصت العصر بذلك ، وفيه أنه لا داعي إلى هذه التكلفات ، ضرورة كونهما فعلين مستقلين معتبرا (٢) في كل منهما نية مستقلة ، واشتراط صحة الثاني منهما في بعض الأحوال بأداء الأول لا وجوبه لا ينافي ذلك قطعا ، والله أعلم.
وإن ضاق الوقت مثلا عن ذلك أي الصلاة الى الأربع صلى من الجهات ما يحتمله الوقت ، وإن ضاق إلا عن صلاة واحدة صلاها الى أي جهة شاء واكتفى بها بلا خلاف صريح أجده في شيء من ذلك مع عدم تقصيره في التأخير ، للأصل وعدم سقوط الميسور بالمعسور ، ولأن دليل المقدمة من الأدلة اللفظية قابل للتخصيص ونحوه ، فالمتعذر منه بلا تقصير كالمفعول لا يقدح في وجوب فعل الباقي ، فدعوى ـ أن الأصل في مقدمة اليقين سقوطها بمجرد سقوط شيء منها ، لعدم حصول اليقين بعد بالباقي ، فلا يجب ، لأنه هو السبب في الوجوب ، ولأن الأصل البراءة ، نعم لما كانت الصلاة لا تسقط بحال وجب فعلها مرة إلى أي جهة ، كما لو ضاق إلا عن
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ٢١ من كتاب الصلاة مع اختلاف في اللفظ.
(٢) هكذا في النسخة الأصلية المبيضة ولكن في النسخة الأصلية المسودة « يعتبر ».