تغيب الشمس إلا قضاء السنة ، فإنه جائز فيهما ، وإلا يوم الجمعة ـ لا يخلو إطلاقه النهي عن النافلة بعد الطلوع إلى الزوال من غرابة في الجملة أيضا ، نعم قد عرفت أن استفادة استثناء جميع ذوات الأسباب من النصوص محل للنظر بل المنع ، وكيف ولم يعرف التعبير بلفظ ذات السبب والمبتدأة كالحكم إلا في لسان الفقهاء ، لكن الأمر بعد أن كان في الكراهة وعدمها سهل.
والمنساق من ذات السبب الصلاة التي شرعت بسبب آخر غير رجحانها نفسها كصلاة الحاجة والاستسقاء والاستخارة والإحرام وغيرها حتى لو كان بفعل المكلف كدخول مسجد أو مشهد ، بل قال الشهيد وغيره فيما حكي عنهم : لو تطهر في هذه الأوقات جاز أن يصلي ركعتين ولا يكون هذا ابتداء ، للحث على الصلاة عقيب الطهارة ، ولأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما روي (١) انه قال لبلال : « حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دق نعليك بين يدي في الجنة قال : ما عملت عملا أرجى عندي من أنني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ، ما كتب لي أن أصلي ، وأقره النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على ذلك » وفي كشف اللثام ليسا من النص في ذلك على شيء لاحتمالهما الانتظار إلى زوال الكراهة ، وفيه أنه يكفي النص على التعميم كما اعترف به هو سابقا ، على أنه يمكن أن يكون مراد الشهيد إثبات أنها من ذوات الأسباب بذلك ، فيثبت الحكم حينئذ ولو من غير هذين ، لا ان المراد إثبات الحكم بهما ، بل لعل ذلك هو الظاهر من عبارته ، فلاحظ وتأمل.
نعم قد يناقش بأنه لا دلالة في الحث على نفي الكراهة ، وإلا لنفاها بالنظر إلى أصل النافلة التي ورد فيها أنها خير موضوع ، وان صلاة ركعتين تدخل الرجل الجنة ، إلى غير ذلك ، وبما في الحدائق من أن الخبر المزبور عامي وكذب صريح ، لتضمنه
__________________
(١) كنز العمال ج ٢ ص ١٦٧.