يتوجهون إلى سمت الركن الذي يليهم ، لما بيناه من وجوب استقبال الكعبة ما أمكن ، والذي يمكن أن يستقبل أهل كل إقليم الركن الذي يليهم ، وهو غير جيد أيضا ، إذ الذي سبق منه وجوب استقبال جهة الكعبة للبعيد لا نفس الكعبة ـ في غير محله أيضا ، للقطع بعدم إرادته اتصال الخطوط بالعين من ذلك ، بل المراد جهة الركن الذي يليهم دون غيره من الأركان ، لعدم تمكنهم منه ، فهو في الحقيقة بيان ما هم عليه في الواقع.
وكيف كان فأهل العراق ومن شاركهم إلى العراقي وهو الذي فيه الحجر وكذا أهل الشام إلى الشامي ، والمغرب إلى المغربي ، واليمن إلى اليماني بلا خلاف أجده في شيء من ذلك ، لكن في كشف اللثام عن بعض من عاصره أنه وضع آلة يستعلم بها نسبة البلاد إلى جهات الكعبة ، فاستعلم منها أن الحجر الأسود إلى الباب في جهة بعض بلاد الهند ، كهلوازه ، والباب في جهة بعضها الآخر كدهلا واكره وبافرس والصين وتهامة ومنصورة سند ، ومن الباب إلى منتصف هذا الضلع في جهة الأحساء والقطيف والبحرين وقندهار وكشمير وملتان وبست وسجستان وكرمان وبدخشان وتيبت وخانبالق وشيراز وبلخ وفارياب ، ومنه إلى السدس الرابع جهة هراة وختن وبيش بالق ويزدومر وقراقوم وترشين ونون وسمرقند وكاشغر وسرخس وكش وخجند وبخارا ورامهرمز وطوس وبناكت والمالق وسبزوار ، ومنه إلى السدس الخامس جهة أصفهان والبصرة وكاشان والأستراباد وكركانج وقم وري وساري وقزوين وساوة ولاهيجان وهمدان ، والسدس الأخير المنتهى إلى الشامي جهة كوما مدينة روس وشماخى وبلغار وباب الأبواب وبردعة وتفليس وأردبيل وتبريز وبغداد والكوفة وسر من رأى ، فخطأ الأصحاب قاطبة في قولهم : إن ركن الحجر قبلة أهل العراق ، وزعم أن قبلتهم الشامي وأنه العراقي أيضا ، وهو خلاف المعروف بين الأصحاب قديما وحديثا.