والجمع بإرادة الجزء المحاذي للأذن من المنكب بناء على تفسيره بما عرفت أولى مما ذكرناه سابقا ، فحينئذ ليس العلامة وضعه على أي جزء من المنكب ، بل الجزء الخاص منه كما صرح به في جامع المقاصد ، والإطلاق محمول على ذلك أو على المسامحة في مثله أو على غيرهما.
كما أنه يجب حمل إطلاق هذه العلامة على أواسط العراق كالكوفة وبغداد ونحوهما مما يناسبه هذا الانحراف عن نقطة الجنوب ، أما ما لا انحراف فيه لمساواته لمكة في الطول كالموصل أو ما احتاج إلى انحراف أكثر من ذلك كالبصرة فلا معنى للعلامة المزبورة فيه ، بل يضعه في الأول بين المنكبين ، لأن قبلته نقطة الجنوب ، وفي الثاني مقابل الأذن اليمنى ، ولقد أشار إلى ذلك كله العلامة الطباطبائي بقوله :
فاجعله خلف
المنكب الأيمن في |
|
أواسط العراق
مثل النجف |
وكربلاء وسائر
المشاهد |
|
وما يدانيها ولم
يباعد |
واجعله في شرقية
كالبصرة |
|
في الأذن اليمنى
ففيه النصرة |
وبين كتفيك برأي
أعدل |
|
في الجانب
الغربي نحو الموصل |
قلت : ومن ذلك يعلم أن ما ذكره غير واحد من الأصحاب بل ربما نسب إليهم مشعرا بدعوى الإجماع عليه من مساواة خراسان للعراق في القبلة في غير محله ، لما قيل من كونه أطول من العراق ، وعليه المدار في شدة الانحراف وعدمه كما ستعرف إن شاء الله ، اللهم إلا أن يراد بعض العراق كالبصرة فإن الظاهر تقاربهما ، وإن كان التحرير التام كما قيل يقتضي لهم زيادة انحراف يسير نحو المغرب كانحراف البصرة بالنسبة إلى بغداد ، لكن لا يصل إلى حد منتصف القوس التي بين نقطة الجنوب والشمال ، وأما احتمال بناء الإطلاق على اغتفار التفاوت المزبور وإن لم يحصل به الجهة بالمعنى الذي ذكرناه فإنه وإن كان ممكنا وقد ذكرناه سابقا لكنه لا دليل يقطع العذر عليه ، كما انه قد يبعد