إقرارنا لهم حال الذمة على معتقدهم ، أما بعد الاندراس مثلا كما هو الفرض أو كانت في أرض الحرب وقد فتحها المسلمون وبالجملة آل أمرها إلينا فالظاهر جريان حكم المساجد عليها حينئذ ، بل قد يقال بحرمة تنجيسنا لها حال استعمالهم إياها أيضا ، وبوجوب إزالة النجاسة التي ليست من توابع استعمالاتهم علينا ، لكن قد يقال : إن خلو الأدلة عن الأمر بتطهيرها بعد اتخاذها مسجدا ـ مؤيدا بالعسر والحرج ، وبابتنائها على عدم الاحترام مع حصول العلم العادي باستعمالهم إياها برطوبة بحيث يستبعد بعد جريان الأصل أو يمتنع ، كاستبعاد احتمال طهارتها بالشمس أو إرادة اتخاذها مسجدا ثم تطهيرها أو بعده ـ ينافي بعض ما ذكرنا ، ومن هنا حكي عن الأردبيلي التأمل في الحكم المزبور أي اتخاذها مسجدا ، وإن كان هو في غير محله ، إذ قضية ما سمعته جواز اتخاذها مسجدا وعدم وجوب التطهير للعسر والحرج وغيرهما ، فيكون مستثنى من أدلة وجوب الإزالة نحو ما عرفته في اتخاذه على الكنيف ، بل لعل فحوى تلك الأدلة شاهدة على ما نحن فيه لا أن قضيته التوقف في المسجدية ، كما هو واضح ، على أنه قد يقال خلو الأدلة عن الأمر بالتطهير إنما هو للتسامح في أمر الطهارة شرعا ، وأنه يكفي في ثبوتها الاحتمال ولو وهميا ، كما يرشد إليه إعارة الثوب للمجوسي وغيره ، أو لأنه إن كان هناك علم باستعمالهم برطوبة مثلا فهو في موضع ما منها لا جميعها قطعا ، ولعله من الشبهة الغير المحصورة باعتبار عسر الاجتناب ، أو لأنه كما يعلم بالتنجيس في الجملة منهم يعلم بورود ما هو صالح للتطهير قطعا كالمطر والجفاف بالشمس ونحوهما ، والأصل مع هذا الحال الطهارة ، إذ ليس هو على اليقين بنجاسة موضع منها كي يجب علينا اجتنابها جميعا أو تطهيرها ، أو لأن الأمر بالرش لها حال الصلاة فيها معهم الوارد في جملة من النصوص (١) لتطهيرها عن النجاسة.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب مكان المصلى.