يكن قد رجع عن نيته لأنه مسافر حينئذ ، ونحوه لو رجع لقضاء حاجة ، وفي المدارك وعن الموجز وكشفه أنه لا يلحق في هذا الحكم موضع الإقامة ، بل قال في الأول : « يجب التقصير وإن عاد اليه ما لم يعدل عن نية السفر ، أما مع العدول فيجب الإتمام في الموضعين » قلت كأن وجه الأول أنه بخروجه عنه بقصد السفر ساوى غيره ، فلا مدخلية له في نفسه فضلا عن محل الترخص ، لكن قضية ذلك أنه لا يرجع الى التمام وإن عدل عن السفر ما لم ينو إقامة جديدة ، ولعله المراد ، وإلا فالقول بالإتمام حينئذ لا يخلو من نظر ، وربما تسمع في المسألة الثالثة ما ينفعك هنا إن شاء الله ، فارتقب وتأمل
المسألة الثالثة التي اضطربت فيها الأفهام وذلت فيها أقدام كثير من الأعلام ، وهي إذا عزم المسافر على الإقامة في غير بلده عشرة أيام وقد صلى فيه فريضة تماما ثم أنه خرج عنه الى ما دون المسافة لأمر قد بدا له ، فهل يبقى على حكم التمام أو يعود الى التقصير الثابت له قبل المقام ، وأن جمعا من الفضلاء المتأخرين وجملة من مشايخنا المحققين قد عدلوا في المسألة عما عليه الأصحاب ، وخالفوا ما هو المعروف عندهم في هذا الباب ، فمنهم من أوجب التقصير في جميع صورها ، ومنهم من ذهب الى الإتمام في شقوق المسألة عن آخرها ، ولم أقف على موافق لهذين القولين كما اعترف به العلامة الطباطبائي في مصابيحه فيما اطلعت عليه من الأقوال ، ولا نقله ناقل من الفقهاء في كتب الخلاف والاستدلال ( فـ ) ان المستفاد من كلامهم الإجماع على أنه إن عزم على العود والإقامة في ذلك المكان أتم ذاهبا وعائدا وفي البلد كما حكاه عليه في الروض والمصابيح وعن المقاصد العلية ، بل عن الغرية عليه عامة الأصحاب ، بل عن كشف الالتباس أنه لا شك ولا خلاف فيه ، وهو الحجة بعد ظهور النصوص (١) أو صراحتها في انقطاع سفره بنية الإقامة ، وأنه لا يعود الى
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة المسافر.