وله عن التذكرة أيضا من قوة صحة الوقف والتخصيص معا ، وتردد في الدروس في صحة التخصيص وعدمها ثم على البطلان ففي صحة الوقف وعدمها ، والأقوى ما سمعت.
وهل يعتبر في تحقق المسجدية صيغة الوقف وشبهها ولو بأن يقول : جعلته مسجدا لله ، ويأذن في الصلاة فيه فيصلي فيه ولو واحدا ، ويقبضه الحاكم الذي له الولاية العامة أو يكفي مجرد قصده ذلك وإن لم يتلفظ؟ وجهان بل قولان قد استقرب في الذكرى كما عن مجمع البرهان ثانيهما مستظهرا له من عبارة المبسوط ، لكنه اعتبر فيه على الظاهر الصلاة فيه ولو من الواقف ، لأنه قال فيها أي الذكرى قبيل ذلك : ولو بناه بنية المسجد لم يصر مسجدا ، نعم لو أذن للناس بالصلاة فيه بنية المسجدية ثم صلوا أمكن صيرورته مسجدا ، لأن معظم المساجد في الإسلام على هذه الصورة ، ويقوى في النظر الأول ، للأصل وظهور إطباقهم في باب الوقف على الافتقار فيه إلى اللفظ ، بل حكي عن المبسوط نفسه هناك التصريح بأنه لا بد من التلفظ بالوقف في خصوص ما نحن فيه من غير تردد ولا ذكر خلاف إلا من أبي حنيفة ، ولم يعلم كون معظم المساجد في الإسلام بدون تلفظ ويكفينا في جواز الصلاة فيها اشتهارها في المسجدية ، ولا حاجة إلى الفحص عن كيفية الوقف كما في غيره من العقود من النكاح وغيره ، إلا أنه مع ذلك فالإنصاف أن النصوص غير خالية عن الإيماء إلى الاكتفاء بالبناء ونحوه مع نية المسجدية من غير حاجة إلى صيغة خاصة ، خصوصا ما ورد (١) منها في تسوية المساجد بالأحجار في البراري والطرق ، وربما يأتي لذلك تتمة إن شاء الله في باب الوقف.
كما أنه يأتي البحث في اعتبار القربة في صحة الوقف هناك أيضا ، لكن يمكن دعوى اعتبارها في خصوص المسجدية كما عن جماعة التصريح بها وإن لم نقل بها في مطلق الوقف ، لظهور جهة العبادية فيها ، بل هي عبادة محضة ، إلا أنه بناء على ذلك يتجه فساد
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب أحكام المساجد ـ الحديث ١.