بنفس واحدة ، وهي خلاف المتبادر منها كما عرفته ، فتأمل ، قلت : لقد أجاد بأمره في التأمل بعد ذلك ، إذ دعوى ظهور الخبر المزبور بما ذكره مع ندرة المحراب المفروض ـ خصوصا بعد التعبير فيه بالطاق وظهور الخطاب في التوسعة للإمام خاصة ـ في غاية الغرابة كما هو واضح.
المسألة الخامسة لا يجوز للمأموم مفارقة الإمام في الأفعال المشتركة بينهما لغير عذر إذا لم ينو الانفراد ، ضرورة وجوب المتابعة عليه التي يقدح فيها المفارقة إذ هي تتحقق بسبقه في الفعل أو تأخره عنه تأخرا معتدا به ، وقد عرفت فيما مضى حرمتهما على المأموم إجماعا في الأول ، وبلا خلاف معتد به في الثاني لما سمعته سابقا ، بل ظاهر المدارك والذخيرة والحدائق هنا الإجماع عليه ، بل هو كاد يكون صريح الرياض ، قال في الأول : « أما أنه لا يجوز للمأموم مفارقة الإمام بدون نية الانفراد لغير عذر فلا ريب فيه للتأسي ، وعموم قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) : « إنما جعل الإمام إماما ليؤتم به ، فإذا ركع فاركعوا ، وإذا سجد فاسجدوا » ومن العذر ائتمام المسبوق حيث يكون تشهده في غير موضع تشهد الإمام ، فإنه يفارقه ويتشهد ثم يلحقه » ثم نقل خلاف الأصحاب في نية الانفراد ، فنفيه الريب فيه أولا وجعله الخلاف فيما إذا نوى الانفراد ثانيا ظاهر في قطعية المسألة عنده وعدم خلاف فيها بين الأصحاب ، كما أن قوله : « ومن العذر » إلى آخره ، ظاهر في إرادته ما يشمل التأخر في الجملة من المفارقة لا السبق خاصة ولا خصوص التأخر تمام الصلاة ، وقال في الثاني : « الظاهر أنه لا يجوز للمأموم مفارقة الإمام بدون نية الانفراد لغير عذر عند الأصحاب » واستدل عليه بالتأسي وبما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم « إنما جعل الإمام إماما ليؤتم به » قال : وفي الوجهين نظر ، نعم يمكن أن يقال : الصلاة عبادة تحتاج إلى توقيف الشرع
__________________
(١) كنز العمال ج ٤ ص ٢٥٠ ـ الرقم ٥٢٢٤.