الخروج من البلد فضلا عن البعد عنها في الجملة ، فلا بد من إرادة سببية خفاء الأذان أنه يبعد عن البلاد بعدا يخفى بسببه عنه أذانها ، ولا يكون ذلك إلا بفرض كون الأذان في آخر البلد من ناحيته أو عدم اعتبار ما قطعه من نفس البلاد ، فيؤخذ بمقداره من الأرض الخارجة عن البلد.
نعم يمكن الاكتفاء بأذان البلد وإن لم يكن في آخرها إذا كانت البلاد صغيرة أو متوسطة ولها مأذنة مرتفعة كالنجف وكربلاء ، لأنه في الحقيقة كالأذان في الآخر ، بل لعله على مثل ذلك تنزل النصوص السابقة من حيث ظهور الإضافة فيها في المعهود من أذان المصر وإن كان في الوسط ، ويختص الأذان من بين الأمارتين حيث لا بيوت كالعكس بناء على اختلافهما وعدم تقدير المفقود بعد أن يختص أحدهما بالوجود ، وفي اعتبار خصوص الجدران في البيوت نظر ، بل قد يقوى عدمه كما عن الأردبيلي التصريح به ، فالبدوي وغيره ممن لا جدران لهم يعتبرون خفاء بيوتهم ، لإطلاق النص مع غلبة ذلك في الزمن السابق واحتمال تقدير الجدار لهم كما يحكى عن ظاهر المقاصد بعيد ، كاحتمال اختصاص إمارتهم بالأذان دون البيوت ، لكن من ذلك كله يظهر لك كون الأمارتين متحدتين في الواقع أو أنه لا يقدح مثل هذا التفاوت ، لابتناء الأمر هنا على التقريب والتسامح والتساهل ، فالأمر حينئذ سهل.
ومتسع البلاد يعتبر أذان محلته وبيوتها كما صرح به غير واحد ، بل نسب الى الفاضل وأكثر من تأخر عنه إن لم يكن جميعهم. إلا أنه قد يشكل بعدم صدق السفر والضرب في الأرض مع فرض اتحاد سورها واتصال دورها وأزقتها على نحو اتصال غير المتسعة أو أشد وإن عظمت ، ضرورة صدق كونها بلادا واحدة ، فيشملها إطلاق الأدلة حينئذ أو عمومها ، وإلا لاعتبر في نية الإقامة فيها ذلك أيضا ، ولعله لذا بالغ المحدث البحراني في الإنكار على الأصحاب بالنسبة للحكم المزبور بعد اعترافه بأنه كالمسلم