ولم يقله أحد ، ثم قال ولو قيد ذلك بأن لا يقيم في بلد عشرة لم يبق حينئذ لكثرة السفر اعتبار ، واستحسن التعبير عنه بأن لا يكون ممن يلزمه الإتمام سفرا ، لكنه كما ترى فيه من الاجمال وإدخال غير المراد ما لا يخفى ، بل لعل ما عدل عنه من التعبير أولى منه ، خصوصا إن قلنا بإرادة من عبر به منشيئة كثرة السفر إما لأنه عمله وحرفته كالمكاري والملاح ، أو ان تلك عادته ، بل قيل إن كثير السفر حقيقة متشرعية فيمن كان عمله السفر كما جزم به في الروض ، إلا أن الانصاف أن ما ذكرناه من التعبير أولى وأوفق بظاهر النصوص ، لكن ينبغي إخراج البدوي عنه كما أشرنا سابقا في أن جهة إتمامهم كون بيوتهم معهم لا عملية السفر ، مع إمكان إدراجهم فيه أيضا.
نعم اعتبر الفاضل في الرياض مع ذلك تكرر السفر وكثرته من غير فرق بين المكاري والملاح ونحوهما ممن ورد في النصوص من التاجر والأمير وبين غيرهم ممن يكون السفر عمله ، قال : « فلو صدق وصف أحد هؤلاء ولم يتحقق الكثرة المزبورة لزم التقصير ، خلافا للحلي فحكم بالتمام فيهم ، لإطلاق الأدلة من النصوص والفتاوى بوجوب التمام على هؤلاء ، ولقيام اتخاذهم ذلك صنعة مقام التكرر من غيرهم ممن كان سفره أكثر من حضره » وهو ـ مع ضعفه بأن المستفاد من النصوص بعد ضم بعضها إلى بعض أن وجوب التمام على هؤلاء إنما هو لأن السفر عملهم لا لخصوصية فيهم ، فلو فرض كثرة السفر بحيث يصدق كونه عملا لزم التمام وإن لم يصدق وصف أحد هؤلاء ، وبالعكس على ما عرفت ـ مقدوح بلزوم حمل المطلقات على الغالب الشائع منها ، وهو من تكرر السفر منه مرارا لا من يحصل منه في المرة الأولى.
ومنه يظهر ضعف ما في المختلف من حكمه بالإتمام في السفرة الثانية مطلقا ، ولجماعة فجعلوا المدار في الإتمام على صدق وصف أحدهم ، أو صدق كون السفر عمله ، ومنهم الشهيد في الذكري إلا أنه قال : « وذلك انما يحصل غالبا بالسفرة الثالثة التي لم يتخللها إقامة عشرة