وبالجملة المدار على صدق كون السفر عملا له كما هو ظاهر تلك النصوص السابقة ، لا أنه اتفاقي له وإن كان قد تواصل سفره كثيرا لكنه لم يكن على وجه اتخاذه عملا له ، ولا يصدق عليه أنه عمله السفر ، هذا.
ولكن في الروض ـ بعد أن حكى عن الأصحاب عدهم في هذا للشرط مثل البدوي والتاجر والراعي والأمير ـ أشكلهم بأنه وإن تضمنت النصوص ذكرهم لكن لا دلالة فيها على أن إتمام هؤلاء لكونهم ممن عمله السفر ، بل الظاهر أنه لعدم قصدهم المسافة غالبا ، بل لا يصدق عليهم أصل السفر ، ويرشد اليه أن نصوص المقام قد اشتملت على مثل المحارب واللاهي بالصيد ممن هو معلوم كون الإتمام فيه لغير هذا الشرط ، وهو كما ترى نزاع في موضوع ، إذ لا مانع من فرض البحث فيهم إذا كان أعمالهم تلك في المسافة ، وإلا فبناء على ما ذكر فلا خصوصية لهم بذلك.
وكيف كان فمما ذكرنا يظهر لك أن عنوان هذا الشرط بذلك أي اتخاذ السفر عملا كما هو المستفاد من مجموع النصوص وعبر به الأستاد في بغية الطالب أولى مما في المتن وغيره من أنه بأن لا يكون سفره أكثر من حضره ، إذ هو ـ مع خلو النصوص عنه وإجمال المراد بالأكثرية ، بل هي على بعض الوجوه غير معتبرة قطعا ، بل قد يكون المكاري فضلا عن غيره حضره أكثر من سفره أو مساويا ، كما لو كان من عادته السفر ثلاثة أيام والحضور عند أهله دون العشرة ـ يقتضي وجوب التمام على من اتفق أكثرية سفره على حضره وإن لم يكن عملا له ولا دليل عليه ، بل ظاهر الأدلة خلافه وإن كان قد توهمه بعض عبارات القدماء كالسرائر وغيرها ، بل وبعض عبارات المتأخرين كالروضة وغيرها.
ولعله لذا عدل في المعتبر على ما قيل عن التعبير بذلك عن هذا الشرط بعد أن حكاه عن المفيد وغيره ، وطعن عليه بأنه يقتضي الإتمام لمن أقام عشرة وسافر عشرين ،