حصر المسافة بالبريدين ، أو خصوص البريد ذاهبا وجائيا ، والتعليل بشغل اليوم لم يرد منه التسرية بحيث يشمل التردد في نصف الميل أو ربعه قطعا ، وإلا كان معارضا بغيره مما دل على أن أقل المسافة بريد من النصوص الكثيرة المعتضدة بالفتاوي.
ولو كان للبلد طريقان والأبعد منهما مسافة فسلك الأبعد قصر إجماعا ونصوصا (١) إن كان لداع غير الترخص ، بل الظاهر ذلك أيضا وإن كان سلوكه له ميلا إلى الرخصة بلا خلاف أجده من غير ابن البراج ، لعدم حرمته ، ولإطلاق الأدلة أو عمومها ، واحتمال أنه كاللاهي بسفره للصيد ـ إذ قطع هذه الزيادة لا لداع كقطع تمام المسافة كذلك ، وكلاهما لهو ، بل قد يشك في صدق المسافر عليه ، فان الهائم على وجهه قاصدا للبريد والرجوع ليومه لا يعد مسافرا ـ يدفعه عدم اندراجه فيه عرفا ، بل الفرق بينهما عنده من الواضحات ، إذا الفرض وجود الداعي له في البلاد إلا أنه سلك الأبعد للترخص ، على أنا نمنع عدم صدق السفر مع فرض عدم الداعي إلا الترخص ، إذ هو مقصد صحيح عند العقلاء ، وربما تمس الحاجة إليه في بعض الأوقات ، وكذا احتمال الشك في شمول الأدلة للفرض ، فيبقى على أصل التمام ، لمنع الشك ، خصوصا مع ملاحظة اعتضاد الإطلاقات بإطلاق جملة من الفتاوى وصريح أخرى.
ولو سلك الأقرب وكان دون الأربعة أو كان ولم يقصد الرجوع ليومه بناء على اعتباره في القصر لم يقصر ، لعدم المسافة بقسميها ، فيبقى على أصل التمام ، وكذا لو سلك الأقرب ثم رجع بالأبعد ولو ليومه إلا أنه لم يكن من قصده ذلك من أول خروجه ولم يكن في نفسه مسافة ، نعم هو مع الأقرب يتلفق منه ذلك ، كما لو فرض كون الأبعد سبعة والأقرب فرسخا.
أما لو كان قصده ذلك من أول الأمر فلا يبعد عدم القصر أيضا ، اقتصارا
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب صلاة المسافر.