الاختلاف عن اختلاف في الاجتهاد ، فلا بد حينئذ من تأويل الخبر المزبور ، واحتمال أن إعادته دونهم للتقصير في الاجتهاد وعدمه وإن كان قد ظهر خطأ الجميع في استقبالهم بعيد ، إذ فرض الأعمى الرجوع إليهم في القبلة ، وعلى كل حال فليس هو بتلك الصراحة فيما نحن فيه من ظهور خطأ الإمام في القبلة دون المأمومين على وجه يوجب الإعادة عليه دونهم ، فالعمدة حينئذ في الاستدلال عليه وعلى أمثاله فحوى الأخبار السابقة.
نعم قد يستفاد من صحيح زرارة (١) حكم الإخلال بالنية مضافا إليها ، قال : « قلت لأبي جعفر عليهالسلام : رجل دخل مع قوم في صلاتهم وهو لا ينويها صلاة وأحدث إمامهم وأخذ بيد ذلك الرجل فصلى بهم أيجزيهم صلاتهم بصلاته وهو لا ينويها صلاة؟ فقال : لا ينبغي للرجل أن يدخل مع قوم في صلاتهم وهو لا ينويها صلاة ، بل ينبغي له أن ينويها ، وإن كان قد صلى فان له صلاة أخرى ، وإلا فلا يدخل معهم ، وقد تجزي عن القوم صلاتهم وإن لم ينوها » إذ من الواضح كون الذيل جواب السؤال دون ما قبله ، لكن لا صراحة فيه بعلم المأمومين بذلك بعد الفراغ ، إلا أنه قضية إطلاقه ، بل لعله ظاهر لفظ الاجزاء فيه أيضا.
مع أنك في غنية عنه بما عرفت من فحوى الأدلة السابقة المعتضدة بعدم خلاف صريح معتد به أجده في الفرق بينها وبين ما سمعت من المسائل الثلاثة السابقة سوى ما يظهر من المحكي عن السرائر من القول بالإعادة على المأمومين أيضا عند تبين الخطأ في القبلة ، قال فيها : « ومن صلى بقوم إلى غير القبلة ثم أعلمهم بذلك كانت عليه الإعادة دونهم ، وقال بعض أصحابنا : إن الإعادة تجب على الجميع ما لم يخرج الوقت ، وهذا هو الصحيح ، وبه أقول وأفتي ، والأول مذهب السيد المرتضى ، والثاني مذهب شيخنا
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٩ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ١.