وإن بلغ في الآخر فرسخا أو أقل بلا خلاف أجده فيه كما عن المنتهى الاعتراف به ، لإطلاق النصوص والفتاوى.
ومبدأ تقدير المسافة أول آنات صدق اسم المسافر عليه ، والظاهر حصوله عرفا بالخروج عن خطة البلد كحصنه إذا لم يكن خارق المعتاد في السعة وإن كان بين بساتينه ومزارعه لا قبله ، خلافا للمحكي في الدروس عن علي بن بابويه من الاكتفاء بالخروج من المنزل ، فيقصر حتى يعود اليه ، ولا عبرة بالإعلام والأسوار ، لعدم صدق السفر بعد حتى تجري عليه أحكامه ، إذ أول آنات صدقه ما ذكرناه ، واحتمال أن العبرة بالخروج عن محل الترخص لانقطاع حكم السفر بالدخول فيه فيكون هو مبتدأة كما هو ظاهر الشهيد يدفعه حرمة القياس بعد اختصاص ذلك بالدليل الذي أخرج بسببه عما يقتضيه صدق اسم المسافر ، وضعف الاشعار المزبور ، ودعوى كشف ذلك الدليل عن عدم صدق اسم المسافر عليه حينئذ لا أنه (١) أخرجه عن الحكم خاصة مع بقاء الصدق عليه فيكون إطلاق اسم المسافر حينئذ في مثل هذا العرف من اشتباهاته أو تسامحاته عارية عن البرهان مخالفة للوجدان ، ولو سلمت فأقصاها الخروج عن الاسم في منتهى السفر لا في ابتدائه ، كدعوى ملازمة وجوب التقصير عليه الذي لا يكون إلا بالخروج عن محل الترخص لتقدير المسافة ، إذ هي كما ترى لا شاهد عليها أيضا ، فإن الخطاب بالتقصير شيء وتقدير المسافة شيء آخر ، فتوقف الأول على الخروج عن محل الترخص للدليل لا يستلزم الثاني ، فتأمل جيدا.
ولو كان خارجا عن البلد أو محل الترخص منها ثم قصد السفر كفاه الضرب بالأرض ، أما البلاد العظيمة المتسعة فقد صرح غير واحد بأن مبدأ التقدير فيها الخروج عن المحلة نفسها أو محل الترخص بالنسبة إليها على الوجهين السابقين في البلاد المعتادة ، لأنه به يتحقق اسم السفر والضرب في الأرض وإن كان هو مسيرة بين الدور من غير
__________________
(١) وفي النسخة الأصلية « لأنه » والصحيح ما أثبتناه.