بخلافه في الأول ، فإن سبب التبعية مستصحب لا يزول بالاحتمال والظن ، وأما ثانيا فالفرق بين التردد في نفس القطع من أول الأمر وبين التردد في عروض ما يقتضي العزم على القطع معه ، لمنافاة الأول قصد المسافة دون الثاني.
نعم لا يقدح احتمال عروض مقتضي الإقامة لحصول بعض الأمارات المقتضية له ، بمعنى أنه لو جزم وعزم على المسافة من غير قاطع لكن يحتمل أنه يعرض له مقتض لنية الإقامة في الأثناء من مرض ونحوه أو المرور بالمنزل فان مثله لا ينافي صدق قصد المسافة عرفا والعزم عليها ، بل قد يقال بعدم قدح التردد في عروض مقتضي نية الإقامة بل ولا ظنه كما في التابع.
وكيف كان فلا إشكال ولا خلاف في كون كل من الأمرين قاطع للسفر سواء نواهما في ابتداء سفره أو حصلا فيه في الأثناء غير أنه على الأول لا يقصر في الطريق إذا فرض وقوعهما في أثناء المسافة ، وعلى الثاني يقصر في الطريق لتحقق قصد المسافة فيه التي لا ينافيها اتفاق وقوع الإقامة في الأثناء أو المرور بالمنزل فيتم حينئذ فيهما خاصة ، ولا يعيد ما صلاة قصرا قبل وإن تبين أنه كان فيما دون المسافة لقاعدة الاجزاء ، وخصوص صحيح زرارة (١) وغيره.
وكذا لا خلاف ولا إشكال في احتياج التقصير بعد الخروج منهما الى اعتبار مسافة جديدة ، ولا يكفي التلفيق بعد نحلل القاطع وإن كان لا صراحة في النصوص بذلك بالنسبة إلى محل الإقامة ، إلا أنه يكفي فيه ـ بعد الإجماع المحكي بل الإجماعات إن لم يكن محصلا ـ استصحاب حكم التمام الثابت له في محل الإقامة السالم عن معارضة نصوص المسافة بعد انسياق غير الفرض منها ، وتنزيل المقيم عشرا منزلة الأهل في الصحيح السابق.
ويلحق به بالنسبة الى ذلك التردد ثلاثين يوما في مكان واحد كما صرح به
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب صلاة المسافر ـ الحديث ١.