اللهم إلا أن يقال : إنه أطلقه لاشتراك أنواعه في العبث والأذى ، ولأن الحذف يطلق على رميها بالأصابع كيف اتفق وإن لم يكن على الوجه المذكور في الجمار ، قال في الصحاح على ما حكي عنه : « الحذف الرمي بالأصابع » نعم يستفاد من الخبرين المزبورين كراهة الحذف مطلقا وإن لم يكن في المسجد ، بل ظاهر هما أنه كان من الملاهي ، ولعله الذي هو الآن بيد أهل الرساتيق مما يسمى بلعب القلة ، فكان على المصنف حينئذ تركه ، لذكره ما يختص بالمساجد ، وإلا كان عليه أن يذكر كراهة التنعل قائما في المسجد وغيره التي ذكرها هنا الفاضل والشهيد والأصبهاني محتجا عليه الأخير بالأخبار ، نعم لعل محل الكراهة ما يحتاج إلى معونة اليد ونحوها كما استظهره في فوائد القواعد على ما حكي عنها ، والأمر سهل.
مسائل ثلاث : الأولى إذا انهدمت الكنائس والبيع فان كان لأهلها ذمة ولم يبيدوا لم يجز التعرض لها بحال أرضها وآلاتها وفاقا للإرشاد والروض والمدارك والذخيرة وإن لم يكن قد شرعوا في إعادتها ، بل وإن لم يريدوه فعلا ، بل وإن يئس من تجديدهم إياها في الحال والمآل في وجه ، لإطلاق ما دل على احترام ما في أيديهم حال الذمة المتناول لذلك وغيره الذي لا دليل على تقييده بأموالهم وأنفسهم ونحوهما ، لا ما خرج عن أيديهم بوقفهم له وصارت ولايته بيد الحاكم كغيره من مساجد المسلمين التي قد سمعت فيما تقدم جواز استعمال آلاتها بعد الانهدام في غيرها من المساجد بالشرائط السابقة ، على أن خروجه من أيديهم كان على جهة المعبدية لهم ، فيجب إقرارهم عليها قضاء لحق الذمة ، ولذا لم يجز ردعهم عن تجديدها ، ولا إخراجهم من العامر منها ، ولا التعرض له بحال كما صرح به الفاضل والشهيدان وغيرهم ، بل عن مجمع البرهان لعل صحيح العيص (١) محمول على الشرط المذكور إجماعا مريدا بالشرط
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب أحكام المساجد ـ الحديث ٢.