حقيقته بالحسنة المزبورة ممنوعة ، بل أقصاه استفادة كفاية الثلاثين منها ، وهو لا ينافي كفاية المعنى الحقيقي أيضا.
فمن ذلك كله يظهر لك أن ما عن مجمع البرهان من الاكتفاء بما بين الهلالين وإن كان ناقصا لو اتفق وقوع التردد في أول الشهر وتعين الثلاثين لو كان التردد في غيره لا يخلو من قوة ، بل ربما يؤيده في الجملة عند التأمل زيادة على ذلك ما في صحيح ابن وهب (١) السابق وإن كان الأحوط إن لم يكن الأقوى خلافه ، وهو تعين الثلاثين مطلقا لأصالة القصر وإطلاق أدلته ، ولفظ الشهر وإن كان حقيقة في القدر المشترك بينهما إلا أنه يجب صرف إطلاق الأمر بالتقصير فيما بينه وبينه الى الغالب من وقوع التردد في غير الأول ، ولو نوقش في اقتضاء الغلبة المزبورة ذلك لكان مثله متوجها أيضا في صرف إطلاق الأمر في الحسنة الى ذلك ، فان لم يصرفا كان إطلاقها محكما على إطلاق الشهر ، وإن صرفا معا بقي ما بين الهلالين مع فرض نقصانه على أصالة القصر ، فتأمل جيدا.
ولا فرق على الظاهر في محل التردد بين البلد والقرية ونحوهما وبين المفازة كما صرح به بعضهم ، بل هو صريح الأكثر أو الجميع في منتظر الرفقة على رأس المسافة أو دونها فوق محل الترخص مع جزمه بالسفر ، فضلا عن إطلاق المتن ونحوه وعده فردا مساوقا للإقامة كالنصوص ، فما في الدروس واللمعة من التقييد بالمصر منزل على إرادة مطلق المكان المعين ، كتنزيل ما عساه ينساق من النصوص من كون المحل غير المفازة بقرينة ذكر الخروج والدخول ونحوهما على الغالب أو المثال لا الشرطية ، بل لعل الثاني هو المتعين بقرينة فهم الأصحاب ، فلا جهة حينئذ لما يقال من أنه بعد تنزيل ما في
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة المسافر الحديث ١٧.