عليه التقصير ، فإذا زار البيت أتم الصلاة ، وعليه إتمام الصلاة إذا رجع الى منى حتى ينفر » وقريب منه آخر (١) على ما قيل ، فلا دلالة فيه على ذلك ، إذ الفرض ان نيته إقامة العشرة تامة لقدومه قبل التروية بعشر ، وتقصيره في خروجه إلى منى لبطلان حكم إقامته بقصده المسافة لقضاء نسك عرفات ، وفيه شهادة على كون المسافة أربعة وإن لم يرد الرجوع ليومه ، وعلى كونها محتمة للقصر لا مخيرة ، اللهم إلا أن يقرر الاستدلال به بأنه لا وجه لإتمامه في البيت عند رجوعه للزيارة بعد هدم إقامته الأولى إلا بأن يكون قد نوى الإقامة فيه بعد الحج كما هو المعتاد على ما قيل ، ولذا ترك التقييد به في النص ، وإتمامه حينئذ بمنى حتى ينفر لا يتم إلا إذا قلنا بعدم منافاة قصد مثل ذلك في ابتداء الإقامة لها ، لكنه كما ترى شك في شك وتأويل في تأويل فالأولى طرحه بالنسبة الى ذلك ، أو حمله على خصوص مكة ، أو على غير ذلك مما لا ينافي المختار ، والله أعلم.
وكيف كان فالمراد بالعشرة التامة بلياليها عدا الليلة الأخيرة والأولى ، لتحقق الصدق بدونهما مع فرض حصول الإقامة بابتداء اليوم ، سواء كان من طلوع الفجر الثاني كما هو الصحيح أو من طلوع الشمس ، فلا يجزي الناقص حينئذ ولو يسيرا لعدم الصدق قطعا ، فما يقال ـ من احتساب يوم الدخول والخروج كيف كان حتى لو كان الأول قبل المغرب بساعة أو ساعتين ، والثاني بعد طلوع الفجر كذلك أو إذا كان الذاهب من الأول يسيرا والباقي من الثاني كذلك ضعيف جدا ، والتسامح العرفي في الإطلاق لا تحمل عليه الخطابات الشرعية ، ضرورة عدم صيرورته حقيقة عرفية ، إذ بعض اليوم لا يسمى يوما قطعا ، ولذا نفى الخلاف والاشكال في الحدائق كما قيل عن ذلك ، وإن كان قد حكى فيها عن بعض مشايخه أن المرجع في ذلك الى العرف كباقي الأمور الغير المحدودة في الشرع ، ولا ريب في عدم اعتبار أهل العرف مثل الساعة والساعتين
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة المسافر ـ الحديث ١٩.