كل حال فلا إشكال في الترخص بعوده الى محله عن سفر المعصية إلا أن يكون قصد به المعصية أيضا.
ولو عاد إلى الطاعة بعد قصده المعصية في الأثناء وضربه في الأرض ففي ضم ما بقي إذا كان قاصرا عن المسافة الى ما مضى ، مسافة كان بنفسه أو بتلفيقه مع الباقي وطرح المتخلل بينهما من المصاحب لقصد المعصية وعدمه قولان ، ينشئان من أن المعصية مانع من الترخص وقد زالت ، وأن أقصى ما دل عليه الدليل كون المعصية تقطع الترخص وتبطله لا المسافة ، وليس كلما يوجب الإتمام يقطع المسافة ، ولإطلاق قول أبي الحسن عليهالسلام في مرسل السياري (١) : « ان صاحب الصيد يقصر ما دام على الجادة ، فإذا عدل عن الجادة أتم ، فإذا رجع إليها قصر » خصوصا إن أريد بالجادة فيه الكناية عن الطاعة والخروج عنها المعصية لا الجادة الأرضية ، لعدم الفائدة ، إذ الصيد إن كان حلالا استمر على التقصير وإن خرج عن الجادة ، وإن كان حراما لم يقصر وإن كان عليها ، ولاستصحاب حكم القصر ، ومن بطلان حكم ما قطعه من المسافة أو بعضها بالعصيان في الأثناء ، لاشتراط الإباحة في السفر ابتداء واستدامة ، فلا تصلح حينئذ لإثبات الترخص بعد الرجوع الى الطاعة لا منضمة ولا مستقلة لو فرض قصد المعصية بعد قطع تمام المسافة ، ولا جابر لضعف الخبر سندا بل ودلالة ، سواء فسر بما سمعت ، أو بأن من لم يكن سفره للصيد وانما بدا له في الأثناء أن يصيد فعدل عن الطريق للصيد لهوا وأدركه وقت الصلاة أتم ، فإذا عاد الى الطريق رجع الى القصر ، إذ لا يلائمه قوله عليهالسلام في صدره : « صاحب الصيد » وإن كان يشهد له المحكي من عبارة الصدوق
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب صلاة المسافر ـ الحديث ٦.