اشتراط الرجوع بريدا ليرجع بسببه إلى الحدود المعروفة المقررة للمسافة ، فيجب القصر حينئذ في التشاغل في الفعل وغيره ، ولا مدخلية للفعلية في العلية.
يدفعها أصالة تبعية المقدر للموجود ، والمحذوف للملفوظ ، وإذا كان ظاهرا في الشغل الفعلي وجب تقدير الكبرى كذلك ، ولا ضير فيه ، إذ أقصاه اعتبار الفعلية في المسافة التلفيقية ، وهو المقصود ، نعم هو غير معتبر في المسافة الابتدائية أي الذهابية لإطلاق أدلتها التي لا تشمل التلفيقية على الظاهر من موردها كما أشرنا إليه سابقا ، ولا يلزم من عدم اعتباره هناك عدمه هنا ، لجواز اختلافهما في الحكم ، وبطلان استبعاد الفرق إذا اقتضته الأدلة ، مع إمكان الفرق بظهور تحقق السفر في الامتدادية بنفسها ، فلا يحتاج إلى اشتراط أمر زائد ، بخلاف الملفقة فإن المسافة فيها حقيقة هي البريد ، فاعتبر معه شغل اليوم بالفعل ليتصل المسير ويتبين السفر وتظهر فيه المشقة التي هي علة القصر ، فاليوم في الموثق (١) غيره في تلك النصوص المقدرة للمسافة الامتدادية ، كما يؤيده أيضا وقوع المقصد هنا في أثنائه ودخوله في المعنى المراد منه ، فهو عبارة عن يوم يسع الذهاب إلى المقصد والعود منه إلى البلد والمكث فيه مقدارا يفي بالغرض الذي سافر لأجله ، وهو قدر معتد به من الزمان غالبا وإن اختلف طولا وقصرا بحسب اختلاف الأغراض والمطالب ، ولا ريب في أن هذا اليوم غير المعتبر في المسافة الامتدادية المقصور على قطع المسافة وما يتفق من الأمور العارضة كالأكل والشرب ونحوهما من دون تخلل مقصد في البين ، بل قد عرفت أنه قدرته النصوص بسير الجمال والإبل والقطار ، ومنه استفاد الأصحاب اعتبار اعتدال السير فيه واعتدال النهار لينطبق على التحديد بالبريدين والفراسخ.
ولو كان اليوم في السفر الملفق موكولا إلى ذلك لانطبق على أصل المسير وما يحصل
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب صلاة المسافر ـ الحديث ٩.