على أهل الكوفة لتقاعدهم عن حرب أهل الشام بأنها كانت قريبة من المصر ، فتكون الرواية مهجورة ، على أنه لو سلم كون النخيلة على بريد فصاعدا من الكوفة ـ كما يومي اليه بعض الأمارات التي ليس هنا محل ذكرها ، إذ هي وإن كانت معسكرها لكنه لا بأس ببعدها عنها لعظم المصر ، بل الظاهر من ملاحظة بعض الأخبار وغيرها أن النخيلة هي المسماة الآن بذي الكفل أو مكان قريب منه ، فتكون على بريد من المصر ـ لكن لا دلالة في الخبر على اشتراط ذلك في القصر ، بل أقصاه أنه عليهالسلام قصر في هذا الحال ، وهو مجمع عليه ، اللهم إلا أن يستفاد من ذكر الراوي أنه رجع ليومه اعتبار ذلك ، وإلا لم تكن فائدة في ذكره ، بل يكون كذكره بعض الأمور التي لا مدخلية لها من دخول البيت ونحوه ، لكن ذلك مبني على حجية فهم الراوي خصوصا مثل هذا الراوي الذي لم نعلمه ، إذ الخبر مرسل ، ومثل هذا الفهم الذي هو بمنزلة الحكم منه إذا لم يرجع إلى تفسير لفظ أو تعين ( تعيين خ ل ) مراد أو نحوهما مما يكون فهمه حجة فيه بعد التسليم ، فاستفادة هذا الحكم من أمثال ذلك كما ترى.
ومنها ما عن كتاب الصوم من المقنع المرسل (١) قال : « سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن رجل أتى سوقا يتسوق بها وهي من منزله أربع فراسخ ، فان هو أتاها على الدابة أتاها في بعض يوم ، وإن ركب السفن لم يأتها في يوم ، قال : يتم الراكب الذي يرجع من يومه صومه ، ويقصر صاحب السفن » بناء على عدم إمكان صحة ظاهره ، إذ هو دال بمنطوقه على وجوب الصوم لقاصد الأربعة الراجع لليوم ، وهو إنما يتمشى على القول بتخيير الراجع ليومه في الصلاة دون الصوم ، أو القول بسقوط اعتبار الأربعة ولو مع الرجوع لليوم مع إلغاء المفهوم على الأخير ، وهما خلاف الأقوال المعتبرة في
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب صلاة المسافر ـ الحديث ١٣.