بل قد سبقه الى ذلك والده في أجوبة المسائل السنانية المشهورة ، وذلك أن الشريف العلوي سأله عمن نوى المقام في الحلة ثم زار الحسين عليهالسلام في عرفة ثم عاد إلى الحلة يريد التوجه إلى زيارة أمير المؤمنين عليهالسلام في يوم الثامن عشر من ذي الحجة هل يقصر في الحلة أم يتم؟ فأجاب بما نصه « جعل الشارع الإتمام على من نوى المقام في بلاد الغربة عشرة أيام فقد جعل حكم ذلك البلد حكم بلده ، فالمقيم عشرة أيام في الحلة يجب عليه الإتمام ، فإذا خرج الى مشهد الحسين عليهالسلام فقد خرج الى ما دون المسافة ، فلا يجوز له القصر؟ فإذا نوى العود اليه كان كما لو نوى العود الى بلده من دون مسافة القصر ، فإذا عزم على السفر الى مشهد أمير المؤمنين عليهالسلام وجب عليه القصر بالشروع فيه ».
لكنك خبير في أنه لا صراحة في كلامه ولا في كلام السائل في كون ذلك كان في نية المقيم ابتداء الإقامة ، بل ولا في أنه وقع منه ذلك في أثناء الإقامة ، بل ظاهر الجواب أنه بعد تمام الإقامة ، فتخرج حينئذ المسألة عما نحن فيه ، وتندرج في المسألة الأخرى التي اضطرب فيها كلام العلماء ، بل ربما صنف فيها رسائل ، وهي أن المقيم إذا خرج الى ما دون المسافة وقد قصد العود دون الإقامة فهل يقصر ذهابا وإيابا وفي المقصد ومحل الإقامة أو يتم ، وستسمع تمام البحث فيها عند تعرض المصنف لها ، والظاهر أن موضوعها تجدد قصد الخروج بعد نية الإقامة لا أنه كان ذلك في أثنائها ، كما يومي اليه تعليقهم الحكم فيها على المقيم وعزم الإقامة ونيتها ونحو ذلك ، بل قد يشعر بعض كلماتهم بكون وقوع ذلك بعد تمام الإقامة.
وكيف كان فهو غير ما نحن فيه ، إذ المراد بشرطية الأمر المذكور انما هو بالنسبة الى ابتداء نية الإقامة لا مطلقا حتى في الأثناء أو بعد الإتمام ، ولذا ذهب غير واحد ممن اعتبر الشرط المزبور هنا وبالغ في الإنكار على من جوز التردد للمقيم فيما دون