كأصبهان التي وافقناهم في اعتبار السفر فيها من المحلة فضلا عن غيرها ، لتناول إطلاق أدلة الإقامة لها بخلاف السفر ، إلا أن الانصاف أنه لا يخلو من إشكال لأصالة عدم المشروعية ، والشك في تناول الإطلاق لمثله ، وصيرورتها بالانفصال كالقرى المتعددة وإن جمعها سور واحد ، فالاحتياط لا ينبغي تركه.
كما أنه لا ينبغي تركه لو أراد نيتها في البادية القفر التي لا حدود لها ، فيقتصر على المتيقن في صحة الإقامة فيه ، ولا يتوسع في جعل الحدود ، بل قد يرجح له الاحتياط في أصل الإقامة في مثل ذلك ، وان كان الظاهر عدم الفرق في محل الإقامة بين الأمكنة بعد علمه بالمكث في مكان واحد عشرة أيام كما يعطيه كلامهم في منتظر الرفقة ، لكن يحتمل قصر أدلتها على غير البادية القفر أو نحوها ، والاقتصار في محلها على البلاد والقرية ونحوهما مما هو محل جمع من الخلق ، كما عساه يفهم من اللمعة في التردد الى ثلاثين ، بل يكفي الشك في تناول الإطلاقات والأصل عدم المشروعية ، إذ هي وان كانت من أحكام الوضع إلا أنها أيضا شرعية متوقفة على دليل من الشارع ، ويكفي في حسن الاحتياط تحقق مثل هذا الاحتمال.
وعلى كل حال فالاستناد فيما نحن فيه الى أنه ناوي الإقامة في البلد وما دون المسافة منها فلا يضره التردد فيما نوى الإقامة فيه مما لا ينبغي الإصغاء إليه ، كالاستناد إلى أنه بنية الإقامة في البلد وصلاته تماما فيها ولو فريضة صارت كوطنه ومنزله كما صرح به في بعض النصوص (١) ولا يقدح تردده فيما دون المسافة بالنسبة إلى منزله فكذا هنا ، مضافا الى الإجماع المعلوم والمنقول على أن نية الإقامة قاطعة لحكم السفر ، وأنه لا يقطع حكمها إلا قصد سفر جديد ، إذ هو كما ترى خروج عن محل النزاع الذي قد عرفت أنه عبارة عن قصد ذلك حال النية لا أنه عزم على الإقامة وصلى تماما مثلا ثم بدا له الخروج الى ما دون
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة المسافر ـ الحديث ١٠.