الثقلين اللّذين تركهما الرسول بين الأمّة لصيانتها عن الضلالة فلا يعادل قولهم قول الآخرين.
ومن حسن الحظ انّ روايات أهل السنّة توافق ما روي عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، ونذكر منها ما يلي :
١. أخرج الشيخان في صحيحيهما عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، كان رسول الله في سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظلّل عليه.
فقال : ما هذا؟
فقالوا : صائم.
فقال : ليس من البر الصوم في السفر.
وفي لفظ صحيح مسلم : ليس البر أن تصوموا في السفر. (١)
إنّ البر في مصطلح القرآن هو العمل الحسن الذي يقابله الإثم ، يقول سبحانه ( وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ ) (٢) فإذا لم يكن الصوم في السفر برا فهو إثم ، وحكم الإثم واضح.
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن ورد فيمن وقع في حرج شديد ، لكن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ضرب قاعدة كلية لمطلق الصائم في السفر ، سواء أكان عليه حرج أم لا ، بشهادة انّه لو كان الموضوع هو الصوم الحرجي لكان عليه التركيز عليه ويقول ليس من البر الصوم الحرجي أو يستشهد بقوله سبحانه ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ).
يقول ابن حزم : فإن قيل : إنّما منع عليهالسلام في مثل حال ذلك الرجل.
قلنا : هذا باطل لا يجوز ، لأنّ تلك الحال محرّم ، البلوغ إليها باختيار المرء
__________________
١. صحيح البخاري : ٣ / ٤٤ ؛ صحيح مسلم : ٧ / ٢٣٣.
٢. المائدة : ٢.