في بعض الوجوه. وأمّا على المختار من وجوهه فلا بدّ في تقرير الدليل المذكور من تمحّل لا يخفى على الفطن (١).
المقام الثاني : في أنّ الإتيان بالمأمور به الواقعي الاضطراري هل يجزي عن الإتيان به قضاء أولا؟
قد يقال : إنّ مقتضى عموم دليل القضاء هو عدم الإجزاء ؛ فإنّ ما يقضي بالقضاء ليس هو الأمر الأوّل ، بل قوله : « اقض ما فات » ونحوه من الأدلّة التي اقيمت عليه في مقامه ممّا يتوقّف صدقه على صدق الفوت ، وهو معلوم في المقام ؛ ضرورة عدم وصول المكلّف إلى المنفعة الحاصلة من الأمر الاختياري ، وفوات المصلحة المترتّبة على المأمور به الواقعي الأوّلي.
فإن قلت : إنّ فوت المصلحة إنّما هو فرع لأن يكون المكلّف في معرض الوصول إليه ، ومع عدم توجّه الخطاب الواقعي الاختياري إلى المكلّف ليس في معرض الوصول إليه ، فلا يصدق الفوت بالنسبة إليه.
قلت : لا نسلّم كونه تابعا للخطاب الفعلي ، بل يكفي فيه وجود المصلحة في الفعل مع كونه ممّن يصلح لأن يخاطب بإيجاده ؛ كما يشهد به ملاحظة ما عدّوه من أسباب القضاء : من الجنون والحيض والتعمّد والنوم والإغماء ، فإنّ أغلب تلك الأسباب ممّا لا يصلح (٢) معها وجود الخطاب الفعلي ، فما هو الملاك في الأمر بالقضاء في تلك الأسباب موجود في المقام أيضا.
وتوضيح ذلك : أنّ مراتب الفوت متفاوتة مختلفة :
فتارة : يكون بسبب الترك العمدي بعد وجود الطلب الفعلي.
__________________
(١) لم ترد عبارة « ثمّ إنّ ما تقدّم ـ إلى ـ على الفطن » في « ع » و « م ».
(٢) في « ع » بدل « يصلح » : « يصحّ ».