والشرط كذلك وأتى المكلّف بالفعل من دون إتيانه ذلك يمتنع الإجزاء ؛ إذ لا أمر هناك أيضا لا واقعا ولا ظاهرا :
أمّا الأمر الواقعي فمعلوم العدم ؛ إذ المفروض تعلّقه بمركّب مشتمل على الجزء المنسي ، فليس ما عداه مأمورا به واقعا.
وأمّا الأمر الظاهري فلأنّ مرجعه ـ كما ستعرف ـ إلى بيان حكم لموضوع من حيث هو جاهل بالواقع ، كما في الأحكام المجعولة في موارد الاصول العمليّة ـ كالبراءة والاستصحاب ـ فإنّ المكلّف من حيث هو شاك بالواقع حكمه الأخذ بالحالة السابقة مثلا ، ومن المعلوم أنّ حكم موضوع من الموضوعات غير متوجّه إلى أحد إلاّ على تقدير التفاته بأنّه داخل في ذلك الموضوع ، فالغافل والناسي والساهي لو كان لها أحكام ظاهريّة من حيث عدم الوصول إلى الواقع ، لا تتوجّه تلك الأحكام إلى المكلّف إلاّ على تقدير التفاته ـ في حال السهو والنسيان والغفلة ـ بكونه ساهيا غافلا ناسيا ، ومن المعلوم بالضرورة فساد ذلك ؛ إذ على تقدير التفاته بالسهو والنسيان والغفلة يلتفت إلى الواقع (١) ، فإن علم به لا بدّ من الإتيان به ، وإلاّ فعليه الفحص ، ويخرج بذلك عن موضوع الساهي والناسي والغافل ، وذلك ظاهر جدّا. على أنّ العمل الصادر من المكلّف حال النسيان إنّما يعتقد فيه أنّه الواقع ، فعلى تقدير وجود الحكم الظاهري لذلك الموضوع وتعلّقه بالنسبة إليه ليس العمل الذي ارتكبه صادرا منه بذلك الاعتبار ، وهو واضح.
وأمّا الثالث (٢) ، أعني صورة حصول الظنّ من الأمارات الغير المجعولة شرعا عند انسداد باب العلم ـ نظرا إلى استقلال العقل بكون الظنّ المطلق طريقا إلى الواقع
__________________
(١) في « ع » و « م » زيادة : « أيضا ».
(٢) عطف على قوله « أمّا الأوّل » في الصفحة ١٢٧.